باكستان تتفادى استفزاز «طالبان»... والعقوبات تخدم المتشددين في إيران! ما هي تداعيات فرض مزيد من العقوبات الغربية على إيران؟ وهل يصعب على باكستان القبض على قيادات «طالبان» على أراضيها ومعاقبتهم أم أن هناك حسابات أخرى؟ وعلى أي شيء تراهن المعارضة في تايلاند في ضوء افتقارها إلى تأييد قوي يقلب ميزان القوى؟ وهل يحقق انفصال إسكتلندا سيادة كاملة لها؟ تساؤلات نضع إجاباتها تحت الضوء ضمن إطلالة سريعة على الصحافة البريطانية. العقوبات على إيران أكد وزير المالية البريطاني الأسبق اللورد نورمان لامونت في مقال نشرته صحيفة «فاينانشيال تايمز» يوم الأحد الماضي أن فكرة فرض مزيد من العقوبات على إيران لحملها على تفكيك برنامجها النووي غير واقعية، لافتاً إلى أن طهران قبل العقوبات كانت تمتلك 200 جهاز طرد مركزي وأصبحت الآن تمتلك نحو عشرين ألفاً. وأوضح لامونت أن فرض مزيد من العقوبات سيفضي إلى تحقيق ما يريده المتعصبون داخل إيران، وهو محاصرة الاقتصاد ومن ثم مزيد من السيطرة على المواطنين، مشيراً إلى أن الشعب الإيراني يلقي باللوم على الغرب بسبب العقوبات، وعليه إذا فرض مجلس الشيوخ الأميركي مزيداً منها فإن المفاوضات ستنتهي. وأضاف: «إن الشرق الأوسط من دون إيران مسلحة نووياً يصب في صالح كل من إسرائيل والمنطقة، وسيكون أكثر أمناً، لكن البرنامج لن يقيده حال فشل المفاوضات سوى التهديد بعمل عسكري». وأشار إلى أنه إذا تم التوصل إلى اتفاق، فإن علاقات إيران مع الولايات المتحدة وبريطانيا ستتحسن تدريجياً، لكن انفتاح طهران على الاستثمارات الأجنبية سيعزز من قدرة التأثير عليها، وهو ما يخشاه المتعصبون بشكل كبير. ونوّه لامونت إلى أنه إذا تركت نتيجة المفاوضات لأعضاء حكومة روحاني، الذين حصلوا على درجات علمية أميركية أكثر من الرئيس الأميركي أوباما، فإن فرص النجاح ستكون أعلى بكثير. لكنه أوضح أن أي اتفاق سيتطلب موافقة ليس فقط الحكومة وإنما أيضاً «أصحاب النفوذ الآخرين» في النظام، وبالطبع المرشد الأعلى خامنئي، وأعضاء البرلمان وقادة الحرس الثوري. وأشار إلى أن خامنئي أعطى موافقته على المحادثات، لكنه أعرب عن تشككه في النتيجة، على ضوء غياب الثقة في الغرب، وهو ما تبرره أحداث تاريخية كثيرة. وشدد لامونت على أهمية الشفافية وحقوق تفتيش المرافق غير المعلنة، موضحاً أنه من المشجع أن الاتفاق المبدئي في جنيف يفرض أكثر نظام تفتيش حازم على الإطلاق. باكستان والانسحاب اعتبرت صحيفة «جارديان» في مقال نشرته للكاتب طارق علي أول من أمس أن «مستقبل باكستان وثيق الصلة بحركة طالبان، لاسيما مع قرب انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان»، لافتاً إلى أنه قد آن الأوان لعقد محادثات جادة رغم موجة التفجيرات المخيفة. وأوضح علي أنه خلال العام الماضي، شنت حركة «طالبان» الباكستانية مئات الهجمات في مناطق مختلفة داخل باكستان، وذبحت مئات الأبرياء، غالبيتهم من قوات الأمن والجيش، إلى جانب استهداف المسيحيين في بيشاور والشيعة وعناصر المخابرات في أنحاء البلاد. وأضاف: «إن محاولات الجيش الباكستاني على مر الأعوام الـ 12 الماضية منذ الغزو الأميركي لأفغانستان، للقضاء على حركة طالبان الباكستانية، باءت بالفشل لسببين؛ أولهما أن القوة العسكرية مشتتة ومتهورة، وهو ما يأتي بنتائج عكسية، وثانيهما أنه بمجرد عودة الجنود إلى ثكناتهم، لا تستطيع البنية التحتية المدنية الضعيفة مقاومة تدخلات المسلحين». وأكد علي أن جوهر المشكلة يكمن في أفغانستان، ولا يرجع ذلك إلى أن «طالبان» الباكستانية وشبكاتها قوية لدرجة أنه لا يمكن إيجاد زعمائها ومحاكمتهم ومعاقبتهم، ولكن الحقيقة هي أنه مع انسحاب الولايات المتحدة وحلفائها من أفغانستان، لا يمكن لأجهزة الاستخبارات الباكستانية تحمل استفزاز «طالبان» بشكل كبير. وأشار إلى أن إسلام أباد وضعت نظرية «العمق الاستراتيجي»، وهو ما يعني ضرورة الحفاظ على أفغانستان بعيداً عن أيدي حلفائها في الهند كاستراتيجية دفاعية ضد نيودلهي. وأضاف: «بدا هذا غريباً دائماً، بالنظر إلى أن كلا من الهند وباكستان قوتان نوويتان، ومن ثم فإن أي صراع جاد بينهما سيكون كارثة على البلدين». وأعرب علي عن اعتقاده بأن الحل النهائي، الذي ربما لن يرضي كثيراً من الباكستانيين، لن يتأتى إلا بعد انسحاب القوات الأميركية وحلفائها، وهو ما يدركه الرئيس الأفغاني حامد كارزاي. جمود في تايلاند أفادت صحيفة «إندبندنت» البريطانية في افتتاحيتها ليوم الأحد الماضي بأن الأوضاع في تايلاند وصلت إلى طريق مسدود، لكن لا بديل عن الديمقراطية، مؤكدةً أنه قد آن الأوان كي يبدأ الجانبان الحديث والتوصل لتسوية. وأوضحت الصحيفة أن المظاهرات الحاشدة في تايلاند، والتي أسفرت عن مقتل خمسة أشخاص وجرح مئات آخرين، لم تهدأ بالدعوة إلى انتخابات مبكرة، بل سمعت بانكوك أصداء انفجارات وتبادلا لإطلاق النار، إذ أن الجانبين بدلا من المنافسة بهدوء في مراكز الاقتراع، أخذا يتقاتلان في الشوارع. ونوهت الصحيفة إلى أن الانقلابات العسكرية لطالما عطلت فترات الحكم الديمقراطي المتقطعة في تايلاند، لكن في هذه المرة يبدو أن الجيش قرر أن السياسيين يجب أن يتوصلوا وحدهم إلى حل لخلافاتهم. وأشارت إلى أن بورما، التي تقع على الحدود التايلاندية، والتي حكمها الجيش لأكثر من نصف قرن، تتجه الآن إلى اتخاذ خطوات سلمية كبيرة صوب تأسيس ديمقراطية حقيقية، ومن ثم سيكون من المخزي وغير الملائم بالنسبة للجارة الأغنى والأكثر تطوراً أن تُظهر عجزها. وذكرت أن تايلاند وصلت إلى طريق مسدود نظراً لأن فوز الحزب الحاكم «فيو تاي» في الانتخابات متوقع على الصعيد العالمي، بغض النظر عن ما يحدث في الشوارع، وهو ما يعزز هيمنة مؤسسه الملياردير تاكسين شيناواتر. وكانت الاحتجاجات قد اندلعت بدايةً بسبب محاولة رئيسة الوزراء ينجلوك شيناوترا، شقيقة تاكسين، تمرير عفو عام من شأنه إلغاء إدانة شقيقها باستغلال سلطته في عام 2008، وهو ما يمهد الطريق أمام عودته من المنفى الاختياري. ولفتت الصحيفة إلى أن تاكسين لا يزال يتمتع بشعبية كبيرة في شمال تايلاند الريفي، حيث ساعدت سياساته الشعبوية على منح الحقوق لذلك الجزء الفقير الذي لطالما عانى من التجاهل والإهمال. كما يتمتع بشعبية مماثلة في كل من بانكوك وبين زارعي المطاط في الجنوب. وأكدت أنه لا أحد يعتقد أن المتظاهرين يمكنهم حشد دعم كاف لإطاحة «فيو تاي» بطريقة ديمقراطية، لذا فإن أملهم الوحيد هو منع حدوث الانتخابات، داعمين نوعاً من الانقلاب، ومن ثم إقناع القادة الجدد بتعيين «مجلس شعبي» غير منتخب، يتولى مهمة القضاء على نفوذ تاكسين. نقاش إسكتلندا دعت صحيفة «مورننج ستار» البريطانية في افتتاحيتها أمس إلى ضرورة وجود نقاش أفضل بشأن الاستفتاء المزمع إجراؤه في سبتمبر المقبل على انفصال إستكتلندا عن المملكة المتحدة، لافتةً إلى فشل الحملتين المؤيدة والمعارضة للانفصال. ولفتت إلى حديث المعسكر المؤيد للانفصال حول إمكانية الاحتفاظ بالجنيه الاسترليني كعملة للدولة المستقلة والانضمام إلى حلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي. لكنها أكدت أنه إذا كان الغرض الأساسي من الاستقلال هو الحفاظ على مصالح جموع الشعب الإسكتلندي، فعلى الداعين للتأييد أن يوضحوا رغبتهم في إعادة النظر في عضوية الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو. وعزت ذلك، إلى أنه حتى إذا استقلت إسكتلندا، فلن تكون لحكومتها حرية تحديد ضرائبها ومستويات الاقتراض والإنفاق أو إصدار سندات مقومة بالجنيه الاسترليني من دون إشراف وموافقة البنك المركزي البريطاني ووزارة الخزانة في لندن، قبل أن تأخذ في حسبانها التدخل الحتمي والمفصل من المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي في شؤونها المالية والاقتصادية. وأضافت الصحيفة: «ينطوي ذلك على نقطة ضعف خطيرة في المعسكر المؤيد للاستقلال»، موضحةً أن رؤيته للاستقلال مجرد سراب، وعاجلا أم آجلا سينكشف الواقع. وتابعت: «في نهاية المطاف سيتعين أن تكون هناك عملة وسياسات مالية واقتصادية خاصة باسكتلندا المستقلة. لابد أن تقرر عندئذ سياساتها الخارجية والدفاعية، وعدم السماح بإملائها من قبل قادة حلف الناتو والمفوضة السامية للاتحاد الأوروبي البارونة آشتون». وذكرت أنه يتعين على مؤيدي الانفصال طرح قضية ملكية الموارد الطبيعية الإسكتلندية والهيمنة عليها، وليس فقط الموارد الموجودة تحت مياهها الإقليمية. وعلى الجانب الآخر، أكدت الصحيفة أن النداءات العاطفية للوطنية البريطانية التي أفسدتها جرائم الاستعمار، ليست ضماناً للتصويت ضد الاستقلال في سبتمبر. وأشارت إلى ضرورة توضيح أهمية الإبقاء على وحدة شعوب إسكتلندا وإنجلترا وويلز بناء على مصالحهم المشتركة ومنظمات الطبقات العاملة. ودعت إلى ضرورة أخذ المعسكر المعارض للانفصال قضية زيادة الصلاحيات المنقولة إلى البرلمانات في إسكتلندا وويلز وإلى المناطق الإنجليزية الأخرى إلى أقصى حد، بحيث يمكنها العمل لصالح شعوبها من دون الانفصال في مواجهة احتكار العاصمة. واختتمت الصحيفة افتتاحيتها بالإشارة إلى أن أياً من الحملتين لا تستحق الانتصار في استفتاء سبتمبر المقبل. إعداد: وائل بدران