عوائق كثيرة على مسار «التسوية».. وطريق مسدود في الأزمة السورية محادثات جنيف 2 بين النظام والمعارضة السوريين، والتحديات الداخلية لعملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، و«التحول» في مواقف وسياسات فرانسوا أولاند... موضوعات استأثرت باهتمام الصحافة الدولية. «سوريا: طريق مسدود» تحت هذا العنوان نشرت صحيفة «جابان تايمز» اليابانية افتتاحية عددها ليوم الأربعاء وخصصتها للتعليق على مؤتمر جنيف 2 الذي انتهت جولته الأولى دون تحقيق تقدم ملموس، وفق الوسيط الأممي الأخضر الإبراهيمي، في وقت لا يُعرف فيه ما إن كانت ستكون ثمة جولة ثانية أم لا. الصحيفة تقول إن المراقبين الخارجيين متشائمون بشأن إمكانية تحقيق اختراق، مشيرين في هذا الصدد إلى أنه لم يكن ثمة أي اتفاق بشأن عقد جولة جديدة من المحادثات -التي من المقرر أن تبدأ مجدداً في العاشر من فبراير- أو بشأن إيصال المساعدات الإنسانية إلى مدينة حمص المحاصَرة حيث يفتقر آلاف المدنيين إلى الطعام والماء وإمدادات أخرى، مضيفة أن مسؤولي الأمم المتحدة يحمِّلون حكومة دمشق مسؤولية تأخير وصول المساعدات ويصفون الوضع بأنه «غير مقبول كلياً». وفي هذه الأثناء، يقدر أن نحو 1900 شخص قُتلوا منذ بدء المحادثات. إلى ذلك، ترى الصحيفة أن تصلب الحكومة السورية يمثل جزءاً كبيراً من المشكلة، حيث يشدد مفاوضو الأسد على أن المعارضين لنظامه «إرهابيون» ويأملون أن تكرار تلك الكلمة سيجعل العالم يدعم موقفهم. وفي المقابل، فإذا كان الثوار يحظون بدعم الرأي الدولي والغربي، فإنهم منقسمون على أنفسهم وبعض مفاوضوهم يفتقرون للمهارات التفاوضية. كما يفتقرون للأسلحة والدعم المادي للتصدي لهجوم النظام عليهم. ونتيجة لذلك، تقول الصحيفة، فإن لدى دمشق كل الدوافع لإطالة مدة المحادثات على أمل خلق حقائق على الأرض في وقت يُظهر فيه بعض الثوار افتقاراً للكفاءة الدبلوماسية. غير أنه إذا كان ذلك منطقياً من الناحية التكتيكية، فإن التقارير التي تفيد بأن النظام السوري قرر إبطاء عملية تسليم مخزونات أسلحته الكيماوية للأطراف الدولية يمكن أن تغيِّر دينامية التفاوض، تقول الصحيفة، حيث تهدد الولايات المتحدة بالعودة إلى مجلس الأمن الدولي لإجبار النظام السوري على احترام الاتفاق السابق بتسليم كل الأسلحة، وهو الاتفاق الذي جنَّب النظام السوري ضربات عسكرية أميركية وجعل هذا الأخير شريكاً في عملية التخلص من الأسلحة. والحال أن من شأن رفض مواصلة عملية نزع الأسلحة إضعاف القائلين بأن نظام الأسد طرف يمكن الاعتماد عليه وتقديم حجج جديدة حول ضرورة تدخل القوى الخارجية. وفي هذه الأثناء، يقول الثوار إنهم مستعدون للمشاركة في الجولة المقبلة من المحادثات. أما النظام السوري، فلم يرفض الانضمام إليها ولكنه لم يلتزم بعد بالمشاركة، كما تنقل الصحيفة عن الإبراهيمي، مضيفة أن العالم لا يمكنه أن يسمح لنظام الأسد بالمماطلة على طاولة المفاوضات بينما يعمل على تكثيف العمل العسكري، مشددةً على أن على المجتمع الدولي أن يخبره بأن لصبره حدوداً لا يمكن تجاهلها. الطريق إلى السلام مصطفى عايدين، الخبير التركي في العلاقات الدولية، كتب في عدد الأربعاء من صحيفة «حريت ديلي نيوز» التركية مقالاً حول عملية السلام الجديدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين تحت رعاية وزير الخارجية الأميركية جون كيري. وقال في هذا الإطار إنه على رغم أن الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي اتفقا في البداية على إطار زمني يمتد لتسعة أشهر، إلا أن الولايات المتحدة تستعد لإعلان إطار زمني آخر في غضون أسبوعين بهدف الإبقاء على الطرفين على طاولة المفاوضات بعد أبريل، وجسر هوة الخلاف بينهما، وحثهما على التوصل لاتفاق نهائي تسوية للصراع. الكاتب يشير إلى أن الكثير قد تغيَّر في النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني خلال العقدين الماضيين، معتبراً فقدان الثقة المتبادل أهم عقبة تعترض طريق المفاوضات. وإلى جانب المواضيع الشائكة مثل الحدود، وحق العودة بالنسبة للاجئين الفلسطينيين، والأمن لإسرائيل، ووضع القدس، والاعتراف المتبادل، يقول الكاتب: تمثل الخلافات الداخلية على كلا الجانبين تهديداً للسلام في المستقبل المنظور. فعلى الجانب الفلسطيني، ما زال الانقسام بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وحركة «حماس» التي تسيطر على قطاع غزة، قائماً وكبيراً. وعلى رغم أن عباس قال في حوار معه مؤخراً إن اتفاقاً يعالج مشكلة اللاجئين ويؤسس لدولة فلسطينية على حدود 1967 مع القدس عاصمة لها، مقابل وجود عسكري إسرائيلي في الضفة الغربية لفترة انتقالية تدوم ثلاث سنوات قد يكون مقبولاً، إلا أن «حماس» سرعان ما ردت على ذلك بالقول إنها لم تمنحه تفويضاً للموافقة على حل الدولتين. وعلى الجانب الإسرائيلي، يضيف الكاتب، هناك انتقادات لاذعة لنتنياهو، ليس من جانب أحزاب المعارضة فحسب، ولكن أيضاً من داخل الحكومة. وإذا كان نتنياهو يشدد على «الاعتراف بإسرائيل باعتبارها الوطن القومي للشعب اليهودي» والأمن لإسرائيل من خلال وجود عسكري في الضفة الغربية باعتبارهما موضوعين جوهريين في المفاوضات، يقول عايدين، فإنه يوجد في موقف لا يحسد عليه داخل بلده، وخاصة بعد تحذير كيري الأخير لإسرائيل بأنها قد تواجه عزلة دولية في حال فشلت المفاوضات حيث زاد إثر ذلك الضغط على نتنياهو. ولئن كان الرئيس الأميركي ووزير خارجيته ربما ينظران إلى حل النزاع باعتباره طريقة لتأمين تركة سياسية، يقول الكاتب، فإن العداء المترسخ وانعدام الثقة في المنطقة قد يحبطان العملية ويحولان دون التوصل لاتفاق نهائي. «فن المستحيل» صحيفة «إل باييس» الإسبانية نشرت ضمن عددها ليوم الثلاثاء مقالا لخوسي إينياسيو توريبلانكا سلط فيه الضوء على التغير الذي طرأ مؤخراً على مواقف الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند تجاه مجموعة من الملفات على نحو يخالف الموقف التقليدي لليسار الفرنسي من هذه القضايا. وفي هذا الإطار، يقول الكاتب إن الرئيس الفرنسي وعد حين انتخابه بأن يعيد لليسار كرامته التي امتُهنت خلال سنوات ساركوزي، فاستهدف بعد وصوله إلى السلطة الأغنياء بالضرائب، وزاد الإنفاق الاجتماعي، وقوى سياسات التوظيف، وعين في منصب وزير الصناعة رجلاً معروفاً بمواقفه المعارضة للعولمة، ورفع وتيرة انسحاب القوات الفرنسية من أفغانستان. غير أنه بعد أشهر على ذلك، يتابع الكاتب، بدا أن كل ذلك مجرد سراب، حيث باتت الحكومة تفتخر بسياستها المتشددة تجاه المهاجرين، وأضحى وزير داخليتها، وهو الرجل الذي يقف وراء عملية الترحيل الشهيرة ليوناردا ديبراني -الطالبة التي سُحبت من حافلة مدرسية ليتم ترحيلها إلى كوسوفو- أشهرَ رجل في فرنسا. وفي هذه الأثناء، أصبح الرئيس، الذي كان يُنتقد ذات يوم لضعف شخصيته، أفضل حليف عسكري للأميركيين، حيث أعلن استعداده تنفيذ ضربات جوية ضد نظام الأسد في سوريا، وشكك في الاتفاق النووي مع إيران، وطرد الإسلاميين من كل منطقة الساحل، من مالي حتى جمهورية أفريقيا الوسطى. بيد أن الداخل الفرنسي هو المكان الذي شهد أبرز تغيير، حسب الكاتب. ذلك أنه إلى جانب تملقه للكاثوليك من خلال زيارة خاطفة إلى الفاتيكان، قام أولاند بتحول جذري في سياسته الاقتصادية، حيث بات اليوم يتبنى سياسات اقتصادية مخالفة لتلك التي كان يدافع عنها من قبل، وأخذ يدلل رجال الأعمال، ويقلص الإنفاق العام ومساهمات الضمان الاجتماعي، ويريد التحدث حول المرونة في سوق العمل. ولكن هل ما زلنا إزاء الرئيس نفسه؟ يتساءل الكاتب: نحن لا نعرف ما يدور في رأس أولاند بالضبط، يقول توريبلانكا، غير أنه إذا كان يشعر بالضيق، فإنه قد يجد بعض العزاء في النظر صوب برلين، حيث لم تتوان أنجيلا ميركل في «إذلال» شركائها الليبراليين في الحكومة وتبني سياسة الحزب الأخضر (المحسوب على اليسار). كما أنها لم تتردد في وضع حد أدنى للأجور، ورفع الفئات الدنيا من المعاشات، وزيادة المعونات الاجتماعية لإرضاء شركائها الجدد في الائتلاف. فهل هي البراجماتية؟ أم حس المسؤولية، أم بعد النظر؟ الكاتب يقول إن كل أحد يمكنه أن يستخلص رؤيته الخاصة، ولكن الشيء المهم الذي ينبغي معرفته هو ما إن كان الالتقاء بين أولاند وميركل سيكون في مصلحة أوروبا. وهو كذلك على ما يبدو، يخلص الكاتب. إعداد: محمد وقيف