خيارات أوباما في سوريا... ومهام الجيش البريطاني بعد الحرب ما هي خيارات الرئيس الأميركي بعد فشل استراتيجيته في سوريا؟ وهل يتخلى جيش المملكة المتحدة عن خوض الحروب بعد انتهاء قرن من المواجهات في أنحاء العالم العام المقبل عقب الانسحاب من أفغانستان؟ وهل تتحول البوسنة إلى دولة فاشلة في البلقان في خضم الغضب الناجم عن ارتفاع البطالة وتردي الأحوال المعيشية؟ تساؤلات نضع إجاباتها تحت الضوء ضمن إطلالة سريعة على الصحافة البريطانية. الخيارات في سوريا اعتبرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» في مقال نشرته أول من أمس، أن استراتيجية الرئيس الأميركي في سوريا آلت إلى الفشل، لكنها أكدت أن هناك خيارات لا تزال متاحة. وأضاف كاتب المقال ماكس بوت: «لا أحد يقترح إرسال جنود إلى ميدان المعركة، لكن لا يزال من الممكن بذل المزيد لتسليح المعارضة المعتدلة، وإعلان حظر جوي، ويمكن أيضاً استخدام طائرات من دون طيار في مهاجمة نشطاء القاعدة في سوريا». وتابع: «ينبغي استغلال القوات الجوية في إنشاء مناطق إنسانية بالقرب من الحدود مع كل من تركيا والأردن، وعلى الولايات المتحدة أن تأخذ بزمام المبادرة في إحالة الأسد ومعاونيه إلى المحاكمة عن ارتكاب جرائم الحرب». وأوضح بوت أن ما لا يقل عن 130 ألف مدني لقوا حتفهم، واضطر نحو تسعة ملايين سوري إلى النزوح من منازلهم، وهو ما يجعل من الحرب الأهلية في سوريا أسوأ كارثة حقوق إنسان منذ المذابح التي عرفتها رواندا. وأشار إلى أن نظام الأسد يلقي البراميل المتفجرة على المدنيين في حلب، ويقترف جرائم حرب أخرى بهدف البقاء في السلطة. ونوّه بوت إلى أن المتطرفين يستغلون الفوضى لشن غاراتهم، بينما يتم تحييد الجماعات المعارضة الأكثر اعتدالا، في حين يعمل تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) و«جبهة النصرة» الإرهابيتان بحرية في شمال وشرق سوريا. ولفت إلى أن «مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية» جيم كلابر قدّر عدد الجهاديين في سوريا بما يربو على 26 ألف مقاتل، بعضهم متلهف لمهاجمة الولايات المتحدة. وذكر بوت أنه على الجانب الآخر، وجه «حزب الله» اللبناني و«قوة القدس» الإيرانية مئات وربما آلاف المقاتلين بهدف المساعدة على بقاء الأسد في السلطة، مضيفاً: «أن فيضانات من اللاجئين تدفقت إلى دول الجوار، خاصة لبنان والأردن وتركيا». وألمح إلى أن مؤتمر السلام الذي تعقده الأمم المتحدة في جنيف لمحاولة وقف القتال، لم ينجح سوى في إقناع الحكومة السورية والمعارضة بمجرد الحضور، لكن من دون إحراز أي تقدم حتى الآن، مؤكداً أن النظام لن ينهي حصاره لمناطق يوجد بها متمردون. وأكد بوت أن سياسة الإدارة الأميركية المتعلقة بالاتفاقية التي توسطت فيها روسيا من أجل تفكيك الأسلحة الكيماوية التي يمتلكها نظام الأسد، فشلت أيضاً، إذ لم تتم حتى الآن إزالة سوى أربعة في المئة منها، متجاوزة الموعد الأساسي بحلول نهاية ديسمبر الماضي. وقال: «على أوباما أن لا يلوم إلا نفسه، لاسيما أنه بعد زعم حاجته إلى موافقة الكونجرس من أجل شن ضربات جوية ضد سوريا، أزال بذلك الضغط الشديد عن كاهل دمشق كي تمتثل للالتزامات الدولية». واختتم الكاتب مقاله قائلا: «آن الأوان كي يقر أوباما بأن سياسته في سوريا لا تجدي نفعاً، وأن عليه البحث في الخيارات الأخرى». الحروب البريطانية تساءلت صحيفة «الجارديان» في افتتاحيتها يوم الثلاثاء الماضي عن مستقبل القوات البريطانية ومهامها المتوقعة بعد قرن من الصراع المتواصل، مشيرة إلى أنه بحلول العام المقبل، وبعد الانسحاب من أفغانستان، ستكون المملكة المتحدة في سلام مع العالم. وأوضحت أن القلق من الحرب وتراجع فعالية القوات بعد خفض الإنفاق العسكري والإخفاق في حربي العراق وأفغانستان وصعوبة حشد تأييد شعبي في المجتمع الذي تعيش فيه الآن أقليات أساسية منحدرة من مناطق الصراع المحتملة، يعني أن عام 2015 يمكن أن يكون العام الأول الذي يتوقف فيه إطلاق النيران البريطانية. وأوضح المقال أن الدول الأوروبية تنفق زهاء مائتي مليار يورو سنوياً على الدفاع ويبلغ تعداد جيوشها نحو مليون ونصف المليون شخص في الخدمة إضافة إلى أربعة ملايين في قوات الاحتياط. وأضاف: «لم يعد الجيش مكرساً للسيطرة الاستعمارية أو الدفاع عن اتفاقية وراسو بعد انتهاء الحرب الباردة، أو التدخلات الكبرى خارج أوروبا سواء بالتعاون مع الأميركيين أو بصورة منفصلة، مع انتهاء الحروب في أفغانستان والعراق وليبيا». وتابع: «بالطبع للقوات المسلحة قيمة كبيرة في حماية الحدود والدوريات البحرية وحماية الثروة السمكية ومكافحة القرصنة وإجراءات مكافحة التهريب، إلى جانب الطوارئ مثل الفيضانات والزلازل والحرائق والحوادث النووية إضافة إلى عمليات حفظ السلام الأممية». لكن رغم أن هذه المهام مفيدة، تتساءل الصحيفة: هل من الأفضل أن تقوم بها قوات مدربة بتكلفة باهظة لمحاربة الجيوش المتقدمة؟ وهل من الممكن أن يكون هناك عهد جديد من التدخلات الكبرى في الخارج، ومن ثم ستحتاج بريطانيا والدول الأوروبية إلى إرسال قوات كبيرة؟ وهل القرن الحادي والعشرون ينطوي على مخاطر غير متوقعة تحتاج إلى الحفاظ على جيوش متطورة؟ واختتمت الصحيفة مقالها بالدعوة إلى ضرورة بدء التفكير في مهام المؤسسة العسكرية البريطانية، على ضوء تراجع الحرب عن مقدمة قائمة الأولويات. الأزمة في البوسنة سلطت صحيفة «الإندبندنت» في افتتاحيتها يوم الأحد الماضي الضوء على المظاهرات التي اندلعت في البوسنة بسبب ارتفاع معدلات البطالة والفساد واستمرار المواجهات بين الصرب والكروات والمسلمين، لافتة إلى أن النخبة السياسية البوسنية لطالما تعاملت مع الملف الاقتصادي وكأنه غير مهم. وأضافت: «أن النخب السياسية انشغلت بشكل كبير في الخصومات الإثنية على حساب الأوضاع الاقتصادية»، لافتةً إلى أن كل ما يهمها هو السعي الدوؤب وراء مصالح المجتمعات الثلاث الرئيسة. وتابعت: «إنه بعد نحو 20 عاماً على الهجمات الصاروخية الغربية التي أنهت الحصار الصربي للعاصمة البوسنية سراييفو، هاجمت الجموع الغاضبة المباني الحكومية، وأحرقت جزءاً من القصر الرئاسي، فيما بدا مفاجأة للسلطات». وأوضحت أن تعارض مصالح المسلمين والصرب والكروات، تسبب بشكل كبير في تعطيل أية إصلاحات سياسية أو اقتصادية مقترحة. وذكرت أن البوسنة دفعت ثمناً باهظاً بسبب عقدين من الركود، إذ ارتفعت معدلات البطالة إلى نحو 45 في المئة، كما أن الوظائف الجيدة ذات الرواتب المرتفعة تكون في الخدمة المدنية، غير أنه من الصعب الالتحاق بها من دون علاقات إثنية وسياسية. وأكدت الصحيفة أن عدد السكان تراجع بشكل كبير من 4.5 مليون إلى 3.8 مليون نسمة، حسب أحدث الإحصاءات، إذ غادر كثير من الشباب، بينما تزيد الهجرة من المآسي الاقتصادية في البوسنة. وأشارت إلى أنه رغم ذلك، كان الغرب كريماً من حيث الوقت والمال، موضحة أن البوسنة حصلت على مبالغ ضخمة في صورة مساعدات، وعلى الصعيد السياسي، كانت هناك توجيهات إدارية من بروكسل وواشنطن، لكن لم شيئاً من ذلك لم يكن مجدياً. واختتمت الصحيفة افتتاحيتها قائلة: «إن البوسنة تعتبر دراسة حالة لفشل عملية بناء دولة برعاية الغرب»، مؤكدةً أن السياسيين البوسنيين يحتاجون إلى صيحة إنذار لكي لا تتحول البوسنة إلى دولة فاشلة في البلقان. إعداد: وائل بدران