وضعت توصيات مؤتمر الهدي النبوي الذي اختتم فعالياته أمس واقيم تحت رعاية صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله ورعاه" برنامجاً واضحاً لتصحيح الصورة الخاطئة عن الإسلام وتقديم خطاب إسلامي يعبر عن المرحلة الراهنة ومتطلباتها المتحركة والمتطورة، كما وضعت التوصيات يدها على العديد من النقاط المهمة التي تعتري "الدعوة" وتعرقل أهدافها، وتحميل الإعلام المسؤولية في إعادة الاعتبار للخطاب الإسلامي المعتدل والتأكيد على ضرورة إعادة النظر في مناهج التربية الإسلامية في المؤسسات التعليمية والأكاديمية، وإعداد المدرس الكفء للقيام بهذه المهمة·
السلبيات التي اعترت الخطاب الإسلامي والدعوة سواء على الصعيد المحلي "في العالم العربي والإسلامي"، أو على الصعيد الخارجي كانت بسبب إهمال الثوابت والتمسك بالفروع وتغييب الصورة الحقيقية للداعية الإسلامي المتعلم والعارف بأمور دينه ودنياه، وتصحيح الصورة لابد أن يكون أولاً من الداخل، والدول الإسلامية بدون استثناء بحاجة إلى إعادة الأمور إلى نصابها من خلال: إعادة الهيبة لرجل الدعوة "الداعية الإسلامي" وتوحيد لغة الخطاب الدعوي وفقاً للمنهجية الوسطية كما أكدت على ذلك توصيات مؤتمر الهدي النبوي، بأن الشريعة الإسلامية تتميز بالثبات والمرونة والاستيعاب والقبول لمختلف الآراء الاجتهادية التي تستند الى أدلة شرعية، ونبذ التكفير لأهل القبلة وانكار التبديع والتفسيق بسبب المخالفة في الرأي وعدم التعصب المذهبي واللامذهبي في القضايا الدعوية والفكرية والعقدية وغيرها وإصلاح الصورة من الداخل يحتاج - بناء على توصيات المؤتمر - إلى بناء عقول سليمة تحمل أفكاراً صحيحة من العقيدة الإسلامية وتنظيف الساحة من أصحاب الفكر التكفيري المتطرف الذي يتنافى مع أسس ومبادئ العقيدة الإسلامية السمحاء التي تستوعب الجميع، ولا ننكر ان الفراغ الذي تركته الخلافات على الفروع وترك الأصول فتح الأبواب لدخول وتسلل أصحاب هذا الفكر للمجتمع مما عكس صورة سلبية وقاتمة عن الإسلام لدى المجتمعات الإسلامية وغير الإسلامية وأهل الذمة، ومن هذا المنطلق تأتي أهمية توصيات مؤتمر الهدي النبوي بالتركيز على تأهيل الدعاة والوعاظ وأهل الدعوة الإسلامية وتنمية مهاراتهم الدعوية والفكرية والعلمية وتقدير المفتين والخطباء والوعاظ والدعاة، كونهم المبلغين للإسلام، وإعادة دراسة واقع الخطاب والدعوة للتعبير عن القضايا المعاصرة التي تشغل الأمة وتعريف الصورة الحقيقية والحضارية للإسلام، وإعادة النظر في مناهج الدراسة والتعليم للتأكد من توافقها مع العقيدة والقيم الإسلامية الراقية وتقييم الكادر التدريسي للتأكد من تمتعهم بالفكر الإسلامي المعتدل واتباعهم للهدي النبوي في الدعوة والإرشاد وفقاً لمبادئ الدين السمحة.
لقد أضاء مؤتمر الهدي النبوي في أبوظبي قبساً يمكن الاسترشاد بضوئه والسير على هديه في العالم الإسلامي لتبديد الظلمة التي تلف الكثير من العقول والأفكار، ونشر النور والمعرفة وتقديم الحقيقة عن هذا الدين الذي جاء بقيم العدل والرحمة والتسامح.