الخطة التي كشفت عنها، مؤخراً، وزارة التربية والتعليم لزيادة الجاذبية المهنية لوظائف التدريس تشكل مبادرة نوعية لتوطين مهنة التدريس، وتعكس الاهتمام الذي توليه دولة الإمارات لهذه القضية الحيوية، التي ترتبط بشكل وثيق بهويتها الوطنية، فهذه الخطة التي ستطبق في العام الدراسي المقبل 2014/2015 تتضمن العديد من الأهداف الحيوية، منها استقطاب كوادر متميزة من المواطنين ليكونوا معلمين ولو لفترات محددة، وتكوين صورة إيجابية محفزة لمهنة التعليم، وتوفير مسارات متعددة للنمو والتقدّم الوظيفي للمعلم، ورفع نسبة التوطين في مهنة التعليم، التي تشير التقديرات إلى أن المواطنين يشكلون ?12,4% فيها فقط، إلى جانب زيادة مساهمة مؤسسات التعليم العالي في رفد الميدان التربوي بخريجين من ذوي الكفاءة. هذه الخطة مهمة للغاية، ليس فقط لأنها تتعامل مع الإشكاليات التي كانت تدفع شريحة من المواطنين إلى عدم الانخراط في مهنة التدريس، كضعف المزايا المادية والترقي الوظيفي وغيرها، وإنما أيضاً لأنها تهتم بتأهيل المعلم المواطن، وإعداده بشكل جيد من خلال تعاون الوزارة مع مؤسسات التعليم العالي في هذا الشأن، حتى يكون قادراً على القيام بمهامه التربوية والتعليمية على أكمل وجه. وتولي دولة الإمارات العربية المتحدة اهتماماً استثنائياً بتوطين مهنة التدريس، وجعلها أكثر جاذبية للمواطنين، وهذا ما عبّر عنه بوضوح صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في كلمة سموه بمناسبة ذكرى اليوم الوطني الثاني والأربعين للدولة، حين قال سموه «نحن إذ نعتز بالمعلم ركيزة العملية التعليمية، فإننا نحرص على الارتقاء بأوضاعه وتحسين بيئة عمله»، وهذا ما يؤكد بلاشك الأولوية التي تحتلها هذه القضية في فكر القيادة الرشيدة. ولقد اتخذت الدولة العديد من المبادرات والإجراءات المهمة في هذا الشأن، سواء على مستوى الجانب المتعلق بتحفيز المواطنين للانخراط في مهنة التدريس، عبر زيادة بدل طبيعة العمل المقرر للمعلمين وأعضاء الهيئات التعليمية بنسبة 100%، وترقيتهم بشكل مستمر، أو فيما يتعلق بإعدادهم وتأهيلهم والارتقاء بكفاءتهم، وتم إطلاق العديد من المبادرات التي تدفع في اتجاه هذا الهدف، مثل برنامج «إعداد» الذي أطلقه «مجلس أبوظبي للتعليم»، بهدف تدريب المواطنين المرشحين للوظائف التعليمية وتوجيههم، وذلك عبر التعاون مع مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة، لتخريج نوعية من الكوادر التعليمية الوطنية القادرة على التدريس بالطرق الحديثة والمعايير العالمية، ليتم إحلالها في المدارس. وتطمح دولة الإمارات إلى أن تصل نسبة المواطنين العاملين في سلك التربية والتعليم إلى 90% بحلول عام 2020، وهي قادرة على تحقيق هذا الهدف، ومن المؤشرات الدالة على ذلك، ما حققته وزارة التربية والتعليم من نجاح في رفع معدلات التوطين في بعض القطاعات في منظومة التعليم، حيث وصلت نسبة التوطين في الفئتين القيادية والإشرافية والفئة التنفيذية إلى مستويات استثنائية، وفي الآونة الأخيرة تزايد عدد الطلبات المقدمة من جانب المواطنين لشغل وظائف في الميدان التربوي، وحتى المعلمون المواطنون الذين سبق وقدموا استقالاتهم بدؤوا يقدمون طلبات للعودة مرة أخرى إلى وظائفهم السابقة، ما يؤكد فاعلية السياسات الأخيرة التي تستهدف زيادة جاذبية مهنة التدريس بالنسبة إلى المواطنين. ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.