لا تزال حتى اللحظة هذه مأساة مسلمي شعب «الروهينجا» في ميانمار قائمة، وفي الأسبوع الماضي في تقرير للجنة التابعة للأمم المتحدة أكد المتحدث باسم اللجنة أن هذا الملف لا يزال متعثراً، وأن الإصلاحات التي قامت بها حكومة ميانمار منذ سنتين لم تحدث تغييراً يستحق الذكر في قضية الأقلية المسلمة التي يصفها المسؤولون في ميانمار بـ«البنغال». وقد لعبت تركيا دوراً فاعلاً في الضغط على حكومة ميانمار لحماية الأقلية المسلمة، كما أن وزير الخارجية التركي زار ميانمار في أغسطس 2012، وهو أول مسؤول إسلامي رفيع يزور ميانمار ويلتقي مسؤولين رسميين، ويطلع على أحوال المشردين في مخيمات إيواء «الروهينجا»، الفارين من أعمال العنف. السياسة الخارجية التركية واضحة حيال المسألة، تركيا تتصرف بمنطق الدولة القائدة للعالم الإسلامي، وأن من مسؤولياتها متابعة أوضاع المسلمين في شتى بقاع الأرض، هذا الأمر لم يكن قبل وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم عام 2003. الموقف القطري الرسمي حيال أعمال التطهير العرقي لمسلمي ميانمار واضح من خلال بعض التصريحات والبيانات الصحفية لمسؤولين قطريين، لكن الدور السياسي لا يصل إلى درجة فعالية الموقف التركي سابق الذكر. وذلك مرده إلى أن قطر مهتمة بالمسألة السورية والمصرية ومختلف القضايا الإقليمية الراهنة كأولويات تفوق اهتماماتها بقضية ميانمار. يمكن القول إن الإعلام العربي والإسلامي ونظراً لانشغاله بالتطورات الداخلية في سوريا ومصر وبقية البلدان التي تشهد عدم استقرار سياسي، لم يول اهتماماً كافياً لتتبع ونقل معاناة مسلمي ميانمار وما يتعرضون له من حملات تطهير عرقي على نطاق واسع. الأمر ذاته يقاس على الدعم الرسمي والإغاثي، وفي هذا السياق، نجد الدبلوماسية التركية نشطة وفاعلة على صعيد الضغط الدولي على حكومة ميانمار. المصادر التاريخية لا تأتي على ذكر أي دور تركي فيما يخص أزمة مسلمي ميانمار قبل وصول حزب العدالة والتنمية للسلطة عام 2003. كما تقدم تركيا نفسها على أنها الدولة الإسلامية الأبرز ذات النفوذ الواسع، وأن من مسؤولياتها تتبع أحوال المسلمين كما يجري في البوسنة وميانمار. كما يمكن فهم الدور القطري الإعلامي والإغاثي تجاه مسلمي ميانمار، ضمن الاستراتيجية القطرية المعتادة، وهو إيجاد مكان يمكن لقطر أن تعمل من خلاله وتؤثر فيه، كما أن القطريين يعون جيداً المكاسب العاطفية والوجدانية التي يمكنهم استحلابها من إظهارهم التعاطف والدعم والاهتمام بمصائر المسلمين وأقلياتهم في العالم. الدور القطري التركي جاء ضمن التنسيق العالي والتحالف الذي وجدنا شواهده في سوريا ومن قبل في ليبيا، وليس غريباً أن كلتا الدولتين تحكمهما قيادة سياسية إما إسلامية، أو حليفة للإسلام السياسي. ليس من المتوقع أن يستمر زخم الدور القطري والتركي، إلى أبعد مما حصل، حيث إن البعد الجغرافي والعرقي، وتضاؤل المكاسب السياسية المتوقعة من احتضان قضية الأقلية المسلمة في ميانمار، كفيل بأن يصرف أو يضعف الاهتمام إلى حدوده الدنيا. قطر ترعى وتحتضن مقر هيئة علماء المسلمين والتي تصدر بياناتها تعاطفاً ودعماً لمسلمي ميانمار. وقطر دبلوماسياً وإعلامياً منشغلة بأزمات المنطقة ورغم دعمها المالي والإغاثي لمسلمي ميانمار، لكن القضية ليست على رأس أولوياتها. قطر دبلوماسياً وإعلامياً ليست معنية بحرف بوصلة الرأي العام العربي بعيداً عن الملف السوري والمصري، كما أن البعد الجغرافي لميانمار ومحدودية دور القضية استراتيجياً في التأثير على قضايا المنطقة، يجعل من الدبلوماسية القطرية والدبلوماسية الناعمة الإعلامية على حالها في حدها الأدنى من الاهتمام.