تحدث سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي، وزير المالية، في مؤتمر صحفي له في مقر وزارة المالية، عن الدورة الثالثة للموازنة العامة لدولة الإمارات العربية المتحدة التي تغطي الفترة ما بين عامي 2014 و2016، وذكر أن القيمة الإجمالية للموازنة خلال الأعوام الثلاثة تبلغ نحو 140 مليار درهم، وبجانب الدلالة الإيجابية للزيادة الكبيرة التي يظهرها حجم الموازنة الاتحادية في دورتها الجديدة، وهي التي تُقدَّر بنحو 15% مقارنة بحجم الموازنة في دورتها الثانية التي غطت الأعوام الثلاثة 2011 و2012 و2013، بما يتضمنه ذلك من مؤشرات تتعلق بمتانة الأوضاع المالية في الاقتصاد الوطني، فإن حديث سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، تضمن عدداً من النقاط التي لها دلالات إيجابية مهمة، وأولى هذه الدلالات، هي أن حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة ما زالت تحتكم على أرصدة مطمئنة من السيولة، على الرغم من الأوضاع المالية العالمية الصعبة، التي دفعت العديد من الدول حول العالم إلى ضوائق مالية وشُح في السيولة، حتى وجدت هذه الدول نفسها أمام خيارين، فإما أن تتوسع في الاقتراض من أجل الاستمرار في تنفيذ خطتها التنموية، فيما يحمّلها أعباءً مالية إضافية ويعرّضها لضغوط خارجية من طرف الدائنين، وإما أن تتوقف عن الاقتراض، وبالتالي تتوقف عن تنفيذ خطتها التنموية، فيما يعرّض سكانها لمخاطر تتعلق بتراجع كفاءة الخدمات الحكومية وجودتها، وزيادة معدلات البطالة، وتراجع مستويات المعيشة بشكل عام. ولعل استمرار دولة الإمارات العربية المتحدة في تطبيق سياستها المالية التوسعية بالاعتماد على مواردها المالية الذاتية، ومواصلتها الإنفاق على المشروعات التنموية الكبرى، كما هو واضح من مؤشرات الموازنة، هو خير دليل على أنها تجنبت هذين الخطرين. والدلالة الثانية التي يمكن استخلاصها من تصريحات سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي، وزير المالية، هي أن حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة تضع الاعتبارات الاجتماعية في المقام الأول بين اهتماماتها عند التخطيط للمستقبل، وتضع الخدمات التي تلمس الحياة اليومية للمواطنين في البند الأول بين بنود الإنفاق، حيث تشير البيانات إلى أن قطاع التنمية والمنافع الاجتماعية الذي يشمل التعليم والرعاية الصحية، ومرافق الكهرباء والمياه والإسكان، وغيرها من الخدمات والمرافق العامة، قد حصل على نحو 23,8 مليار درهم أو ما يساوي نحو 51% من النفقات ضمن الموازنة الاتحادية للدولة في دورتها الثالثة، وهو ما يؤكد، من دون شك، أن دولة الإمارات العربية المتحدة عازمة على المضي قدماً في مسيرة التنمية الشاملة والمستدامة التي تنتهجها حالياً، من أجل توفير الحياة الكريمة لمواطنيها، عبر توفير الأسس اللازمة لبناء الإنسان وتمكينه صحياً ومعرفياً، وتوفير مقتضيات الحياة التي هي أساس تحقيق الاستقرار المجتمعي، والارتقاء بالمستوى المعيشي، وهذا الاهتمام بالطبع لا يستثني أي فئة من فئات سكان الدولة، أو أي منطقة من مناطقها، وإنما هو اهتمام مبني على أساس من التوازن، يسعى إلى بناء مجتمع حديث ومتطور قادر على استيعاب الجميع، كأحد الأسس التي بنت عليها الدولة نهضتها وازدهارها التنموي، منذ نشأتها وعلى مدار ما يزيد على أربعة عقود، حتى وصلت إلى نموذج تنموي استثنائي.