في تقريرها الأخير، عقبت وكالة «موديز» العالمية للتصنيف الائتماني بإيجابية شديدة على أداء اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة، ووصفته بالأداء القوي، وقالت إنه يستعد للدخول في دورة جديدة من الازدهار، تكون بدايتها في عام 2014، وتستمر لسنوات طويلة في المستقبل. وعقبت الوكالة على الأوضاع المالية للدولة، وقالت إن «تصنيفها الائتماني المرتفع يعكس قوة اقتصادها ومتانة أوضاعها المالية»، وهذا لاشك إنما يؤكد تزايد الثقة الدولية بالاقتصاد الوطني، بما يمتلكه من قدرات وإمكانيات لمواصلة النمو المستدام. وما تشهده دولة الإمارات العربية المتحدة من نمو وازدهار هو نتيجة لاجتماع حزمة من المتغيرات والمحركات الإيجابية لاقتصادها خلال الفترة الماضية وتفاعلها بعضها مع بعض، بما دفع هذا الاقتصاد إلى ما هو عليه الآن، وهذه المتغيرات تنقسم إلى قسمين رئيسين، القسم الأول منهما يغطي قطاعات الاقتصاد الحقيقي، في حين يغطي القسم الآخر قطاعات الاقتصاد النقدي والمالي، وتظهر البيانات أن القسمين شهدا معاً حالة من التعافي والنمو المستقر، فعلى جانب الاقتصاد الحقيقي، شهدت الإمارات تحسناً في معدلات النمو الحقيقي باقتصادها الكلي، وتزايد إسهام القطاعات غير النفطية في هذا النمو، وكان لقطاعات التجارة والسياحة والخدمات اللوجستية دور محوري في ذلك، كما حدث تنامٍ كبير في إسهام قطاعات أخرى كالصناعة، من خلال توسع الدولة في الاستثمار في تطوير صناعة الألمنيوم والبتروكيماويات والصناعات الدقيقة، كمكونات الطائرات، هذا إلى جانب صناعة مواد البناء. وعلى الجانب الآخر تعيش قطاعات الاقتصاد النقدي والمالي بدورها حالة من النمو والازدهار، بشكل يتوافق مع النمو المطرد في الاقتصاد الكلي، فخلال السنوات الماضية شهدت الدولة تراجعاً كبيراً في مستويات الدَّين الحكومي، واستقراراً مطمئناً في حجم الأرصدة المالية والسيولة، ونمواً ملحوظاً في نشاطات الخدمات المالية المصرفية، وتراجع تكلفة التمويل، هذا مع تنامي دور الدولة كمركز مالي عالمي، وزيادة مستويات النضج والكفاءة في أداء أسواق المال الوطنية، بالتوازي مع ترقيتها إلى رتبة الأسواق الناشئة ضمن التصنيفات الدولية، وإلى جانب ذلك هناك تحسن مستمر في مستويات السيولة والأرصدة المالية في الاقتصاد الوطني، سواء تعلق الأمر بالسيولة التي تحتكم عليها المؤسسات، الحكومية والخاصة، أو أحجام الودائع والسيولة النقدية في القطاع المصرفي، أو الأموال المتداولة في الأسواق، وكل ذلك ساعد على إيجاد حالة من الاستقرار المالي والنقدي في الدولة، وكان سبباً لتحسن مستويات ثقة المستثمرين بالأوضاع الاقتصادية والمالية في الدولة، ما حفزهم على العودة إلى الاستثمار في مختلف القطاعات، وشجع المصارف على العودة إلى تمويل المشروعات والنشاطات الاقتصادية المختلفة، وخصوصاً النشاطات التي كانت المصارف ذاتها تتردد في منح الائتمان لها في مطلع الأزمة المالية العالمية، حينما كانت متأثرة بالأوضاع المالية والاقتصادية العالمية غير المستقرة. إن عودة الاقتصاد الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة مبكراً إلى النمو بمعدلات مرتفعة، تفوق أربع نقاط مئوية، وفرص النمو التي ما زالت متاحة أمامه خلال السنوات المقبلة، مع ترجيح زيادة معدل النمو بنهاية العام الجاري إلى ما يقرب من خمس نقاط مئوية، وكل هذا سيفضي إلى تحسن القدرات التنافسية للاقتصاد الوطني على الساحة الدولية، ويزيد من مستوى جاذبيته أمام المستثمرين المحتملين ورجال الأعمال والشركات الكبرى والسائحين من جميع أنحاء العالم، رغبة منهم في الاستفادة من الفرص التي يوفرها لها كل في مجال ودائرة اهتمامه، وسيواصل الاقتصاد الوطني السير على طريق النمو والازدهار متغلباً على الضغوط الاقتصادية والمالية العالمية. ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.