تزايد الصراع الغربي الروسي حول أوكرانيا.. وتصاعد مآزق السياسة والاقتصاد في تركيا زهير الكساب دعوات غربية لرد صارم على روسيا، وموسكو تسعى لتبرير تدخلها في أوكرانيا، واحتدام الصراع السياسي في تركيا على خلفية مزاعم الفساد المتلاحقة، وهجمات إرهابية تطال الصين.. مواضيع نعرضها ضمن جولة سريعة في الصحافة الدولية. أوكرانيا والغرب دعت افتتاحية لصحيفة «تورنتو ستار» الكندية الغرب إلى إبداء قدر من الصرامة في التعامل مع روسيا على خلفية التطورات الأخيرة في أوكرانيا وإرسال موسكو لجنودها إلى شبه جزيرة القرم فيما تعتبره الصحيفة انتهاكاً واضحاً لسيادة الأراضي الأوكرانية وخرقاً للقانون الدولي، معتبرة أن بوتين بتحركه الأخير سيجر عليه متاعب لا حصر لها أقلها العزلة الدولية التي بدأت تتضح معالمها في الأفق، ولاسيما بعد الردود الحازمة من قبل قادة الغرب والتلويح بتعليق مشاركة البلدان الغربية في قمة مجموعة دول الثماني بسوتشي، وأيضاً تجميد أصول بعض المسؤولين الروس الذين، تقول الصحيفة، تستهويهم البنوك الغربية. وتشير الصحيفة أيضاً إلى ردة الفعل الكندية المنتقدة للخطوات الروسية في أوكرانيا والتي عبر عنها رئيس الوزراء، ستيفن هاربر «بمطالبته روسيا احترام سيادة الأراضي الأوكرانية»، وكذا تحذيره بوتين بأن عليه سحب قواته من القرم «وإلا فسيواجه تداعيات سلبية»، ولم يكن غريباً تضيف الصحيفة أن ينال موقف رئيس الوزراء تأييداً بالإجماع في البرلمان الكندي. ولعل المفارقة أن بوتين بتحركه العدائي ضد أوكرانيا سينسف الهدف الأساسي بالحفاظ على ولاء أوكرانيا ومنع تقاربها مع الغرب، ذلك أن اجتياح جزيرة القرم وحتى إذا لم يقد إلى حرب في المنطقة، فإنه سيؤجج المشاعر القومية الأوكرانية ذاتها التي يجدها بوتين مهددة للروس، كما سيسرع ذلك من تقارب الحكومة الأوكرانية المؤقتة مع الغرب. وفي جميع الأحوال وأياً كانت السيناريوهات التي يرسمها بوتين سواء إلحاق القرم بروسيا، أو دفعها للانفصال، أو انتزاع أجزاء شرقية من أوكرانيا، أو حتى السعي إلى شل الاقتصاد الأوكراني، فإن النتيجة ستكون تعميق الشعور بالاستياء والغضب لدى ملايين الأوكرانيين ودق إسفين بين البلدين الجارين، وهو ما لن يصب في مصلحة روسيا التي تقول الصحيفة إنها قد تفاجأ بقوات حلف شمال الأطلسي على مشارف حدودها. أوكرانيا وروسيا في الموضوع الأوكراني نفسه كتب «تيموثي بانكروفت- هنتشي» في صحيفة «البرافدا» الروسية يوم الثلاثاء الماضي مهاجماً الموقف الغربي من الأحداث ومبرراً الخطوات الروسية، مشيراً إلى الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الأميركي، كيري، إلى كييف يوم الثلاثاء على أنها لا تحمل جديداً، فأميركا بالذات، يؤكد الكاتب، لا يمكنها إلقاء الدروس على أحد لأن مصداقيتها الأخلاقية أهدرتها في الحروب. وفيما يشبه الافتتاحية المعبرة بأمانة عن الموقف الروسي الرسمي وجه الكاتب مجموعة من الأسئلة إلى أميركا وطالب كيري بالإجابة عليها، ومن تلك الأسئلة: من غزا العراق وتسبب في كارثة إنسانية وأخرى سياسية ما زالت تداعياتها مستمرة حتى الآن؟ ومن قتل الآلاف من المدنيين العراقيين بسبب القصف العشوائي على بغداد ودفع تلك الدولة إلى الانهيار؟ كل هذه التساؤلات تقود إلى استنتاج واحد حسب الكاتب، وهو أن واشنطن غارقة حتى أذنيها في خرق القانون الدولي والتلاعب به ولا يحق لها توجيه اللوم للآخرين. ثم يمر الكاتب بعد ذلك إلى تبرير الموقف الروسي، معتبراً أن ما جرى في المناطق المحاذية لروسيا مثل تهديداً للإثنية الروسية هناك بعدما دخلت مجموعات قومية متطرفة على الخط وباتت تهدد الروس، مشيراً إلى عدد من الحالات الموثقة التي تعرض فيها أفراد الإثنية الروسية في القرم وغيرها من المناطق إلى هجمات وانتهاكات. كما أن روسيا وفقاً للكاتب لم تنتهك الاتفاقية التي تجمعها مع الحكومة الأوكرانية والتي تسمح لها بحماية منشآتها العسكرية في القرم، وهو بالفعل ما قامت به عندما دفعت بجنودها إلى شبه الجزيرة، موضحاً أن روسيا طمأنت الجميع بأنها لا تسعى إلى البقاء في القرم وأنها ستسحب قواتها ما إن يستقر الوضع السياسي والأمني هناك. مآزق تركيا انتقد الكاتب والصحفي مصطفى إيكول في مقال نشر يوم الأربعاء الماضي بصحيفة «حرييت» النخبة السياسية التركية لفشلها في تدبير خلافاتها السياسية المحتدمة ووضع البلاد على سكة الديمقراطية الحقيقية التي يبدو أن البلاد بدأت تنحرف عنها، والسبب يعود في رأيه ليس فقط إلى النخبة الجديدة التي تتولى إدارة الشأن العام منذ 2002 بقدر ما يعود أيضاً إلى ثقافة سياسية سائدة في تركيا لم تستوعب بعد المبادئ الديمقراطية. وحتى قبل مجيء حزب العدالة والتنمية إلى السلطة لم تكن النخبة العلمانية والعسكرية أفضل حالاً. ومناسبة هذا الكلام الفضائح المتوالية التي تبث على الإنترنت وعمليات التنصت الواسعة على المكالمات الهاتفية التي تنال حتى مسؤولين كباراً في الدولة. وإذا كان البعض منها جاء في إطار القانون وبترخيص قضائي، إلا أن بعضها الآخر يعتبر خارج القانون، ما يثير سؤالاً حول الجهة، أو الجهات التي أمرت بذلك! إلا أن الأمر ليس غريباً، يقول الكاتب، بالنظر إلى التقليد الراسخ في تركيا بالتنصت على مكالمات السياسيين والمسؤولين وتوظيفها سياسياً. وأيضاً بالنظر إلى اقتراب موعد الانتخابات البلدية التي تشهد منافسة حامية الوطيس، دون أن ننسى أيضاً الصراع المندلع بين حزب العدالة والتنمية ومنظمة «خدمة» التي يديرها فتح الله كولن. وكل ذلك يؤثر سلباً على مستقبل تركيا في وقت تمر فيه بصعوبات اقتصادية جمة. فبعد مرحلة انتعشت فيها الآمال بتجذر تجربة فريدة من نوعها في العالم الإسلامي عنوانها الأبرز «الليبرالية الإسلامية» بقيادة حزب يوصف بأنه معتدل وذو مرجعية إسلامية منفتحة، وبعد الإصلاحات الاقتصادية التي أنجزت وكفلت تأييد النخب الليبرالية، أثبت الحزب اليوم بعد مزاعم الفساد والصراع السياسي والاختلالات الأخرى أنه ليس أفضل حالاً من سابقيه، وأن الإصلاحات التي أجراها ربما لم تكن نابعة عن اقتناع بقدر ما كانت تحتمها الحاجة إلى تحجيم دور العسكريين ولجم اندفاع العلمانيين. متحدون ضد الإرهاب بهذا العنوان استهلت صحيفة «تشاينا دايلي» افتتاحيتها يوم الإثنين الماضي متطرقة فيها إلى الهجوم الذي تعرض له مواطنون صينيون بمحطة للقطارات في محافظة «يونان» ما أودى بحياة 29 شخصاً وجرح أكثر من 130 آخرين، حيث قامت مجموعة مجهولة بتنفيذ هجوم بالأسلحة البيضاء على المسافرين، وهي العملية التي ربطتها السلطات الصينية بنشطاء أقلية الإيغور الساعية إلى انفصال إقليم سينكيانغ غرب الصين. وتضيف الصحيفة أن الهجوم جاء قبيل انعقاد الاجتماع السنوي لنواب المؤتمر الوطني الشعبي والتئام لجانه الخاصة التي تتدارس قضايا الشعب الصيني بكل عرقياته، ما يعني حسب الصحيفة أن توقيت الهجوم جاء ليذكر الصينيين بوجود أيادٍ تسعى إلى ضرب وحدة الصين وإثارة الاضطرابات. وأكثر من ذلك تواصل الصحيفة أن مثل هذا الأسلوب في التعبير عن المطالب السياسية يأتي غالباً بنتائج عكسية، فاللجوء إلى الإرهاب سيبعد الشعب الصيني عن مطالب الانفصاليين ويلطخ صورتهم حتى في نظر شعب الإيغور نفسه الذي تشير الصحيفة إلى أنه لا يقبل بالعنف، فكل ما يسعى له هو العيش بسلام في ظل الأمن والازدهار الاقتصادي الذي تريد السلطات الصينية أن يعم نفعه جميع الصينيين بغض النظر عن عرقيتهم، أو دينهم، كما أن التعبير عن المطالب السياسية له قنواته الخاصة، حسب الصحيفة، التي يمكن اللجوء إليها بدلاً من استخدام لغة العنف، وفي النهاية تؤكد الصحيفة أن الحكومة لن تدخر جهداً في تنمية المناطق التي توجد بها أقليات عرقية، ولكن في الوقت نفسه لن تتوانى عن الضرب بيد من حديد على دعاة العنف والإرهاب. إعداد: زهير الكساب