قبل نحو شهرين تصدع أنبوب لصرف مياه المطر تحت حوض غير مبطن لتخزين رماد الفحم، غير بعيد من نهر دان في ولاية نورث كارولاينا الأميركية، ونقل الأنبوب أكثر من 30 ألف طن من مخلفات الفحم إلى نهر دان، وامتدت بقعة الأوساخ الرمادية 70 ميلا على امتداد النهر ملقية بالمواد السامة في طريقها. ووقعت الحادثة بعد أقل من شهر على تسرب أكثر من 10 آلاف جالون من مادة تستخدم في غسل الفحم من حاوية مكسورة إلى نهر إيلك في ويست فيرجينيا. وتم تحذير نحو 300 ألف من السكان ألا يستخدموا مياه الصنبور لأي غرض فيما عدا طرد الفضلات لمدة خمسة أيام. ووقع الهجومان على المجاري المائية بشكل غير متعمد، وفي الحقيقة فقد كانت كل حالة منتجاً فرعياً لعملية قصد بها الحفاظ على البيئة بتقليص تلوث الهواء. وبينما قلصت الإجراءات الهادفة لتنظيف الهواء مقدار المواد السامة الملوثة التي تحملها الرياح، فقد وجدت بعض هذه المواد السامة طريقها إلى مجاري المياه الأميركية، ليس فقط في الحوادث غير المقصودة، لكن أيضاً خلال العمليات الاعتيادية. وفيما يتعلق بالكمية، يحتل رماد الفحم، كما في حالة تسربه إلى نهر دان، المرتبة الثانية بعد القمامة كأكبر المواد المسببة للتلوث في الولايات المتحدة. وكان رماد الفحم ذات يوم ينبعث من المداخن على امتداد البلاد حتى تم العمل بقانون الهواء النظيف عام 1970، مما أجبر محطات توليد الطاقة على البدء بتحويل الرماد إلى برك ترسيب. وتقول وكالة الحماية البيئية إنه في عام 2010 كان هناك ما يقدر بنحو 300 من مقالب رماد الفحم ونحو 584 بركة لترسيب الرماد في محطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم في الولايات المتحدة. وتشير أحدث التقديرات المتاحة من وكالة حماية البيئة إلى أنه حتى عام 2004 كان هناك 31 في المئة من مقالب رماد الفحم و62 في المئة من برك الترسيب بغير بطانة عازلة. وقال فرانك هولمان وهو محام في «المركز الجنوبي للقانون البيئي» الذي انفق عدداً من السنوات الماضية في الضغط على الولايات والمنشآت في جنوب شرق البلاد بغية إيجاد معالجة أفضل لرماد الفحم: «هذا خطر كبير على امتداد البلاد.. نصف التلوث السام لكل الأنهار في أميركا يأتي من هذه الملوثات». وقد أنفقت المنشآت مليارات الدولارات للمساعدة على تقليص تلوث الهواء، وتتحمل كثير من المنشآت المسؤولية عندما يحدث تسرب بما في ذلك ما حدث في نهر دان. ولكي تعالج وكالة الحماية البيئية مشكلة تلوث المجاري المائية، اقترحت قانوناً يضع لوائح جديدة منظمة للتخلص من رماد الفحم. ويتوقع زعماء الصناعة وآخرون أن تتمخض هذه اللوائح عن أعباء اقتصادية بما في ذلك فقد وظائف. لكن ليست هناك إجابات سهلة. فقد قال توماس فيلتوفيسكي، مدير مركز أبحاث الفحم في جامعة ساثرن إيلينوي: «لا أحد يريد أن يعيش بمياه قذرة وتربة قذرة وهواء قذر.. لكن علينا أن نكون واقعيين أيضاً؛ فأفضل ما يمكننا فعله الآن هو العثور على عمليات معالجة تجعل إنتاج الطاقة نظيفاً بقدر الإمكان». ورماد الفحم منتج فرعي لحرق الفحم المستخدم في توليد الكهرباء. ومن الممكن أن يتضمن الرماد مجموعة من المواد الملوثة مثل الزرنيخ والكروم والزئبق والسيلينيوم. وهذه المواد توجد بشكل طبيعي في التربة والصخور والفحم، لكن تركيزها الكبير ضار بالبيئة وصحة البشر. وتقول الجمعية الأميركية لرماد الفحم إن محطات الطاقة التي تعمل بالفحم أنتجت 110 ملايين طن من الرماد عام 2012. ورغم ما استثمرته المنشآت من أموال للمساعدة في تقليص المواد الملوثة للهواء، فقد تزايدت المواد السامة في خزانات رماد الفحم. وخرج من الخدمة عدد من المنشآت التي تعمل بالفحم بسبب اللوائح الجديدة المقيدة للانبعاثات وتوافر الغاز الطبيعي الأرخص سعراً، مما جعل الكهرباء المتولدة عن احتراق الفحم أقل تنافسية. والرماد الذي لوث نهر دان جاء من محطة تعمل بالفحم في مدينة إيدن بولاية نورث كارولاينا توقفت عن العمل في أبريل 2013. والمحطة تملكها «دوك إنيرجي»، وهي أكبر شركة قابضة للكهرباء في البلاد، وأشار نشطاء في مارس الماضي إلى أنها ألقت متعمدة 61 مليون جالون من النفايات السامة في محطة أخرى جرى تفكيكها في مونكور في نورث كارولاينا. لكن الشركة تحملت المسؤولية كاملة عن التسرب في نهر دان وتعهدت بتحمل تكاليف التنظيف. وتفكر الشركة في ثلاثة خيارات للتخلص النهائي من الرماد؛ أحدها الاستخراج الكامل للنفايات وإعادة وضعها في مقلب مبطن بمادة عازلة. والثاني يتضمن تغطية الأحواض دون، إضافة أي بطانة تحت الرماد. أما الخيار الثالث فيجمع بين استخراج محتوى الأحواض وبين تغطيتها بمادة عازلة. ويقول علماء في البيئة: إن أي صورة للتخزين غير المقالب المبطنة ستظل تهديداً للمياه الجوفية. وفي رحلة عبر النهر بقارب على امتداد ضفة أحد روافد نهر دان ظهرت الضفادع والسلاحف ملطخة بالأوساخ الملوثة تحت ضوء الشمس في القيلولة. وبالإضافة إلى عمليات التسرب من برك الترسيب وحوادث التسرب، فبوسع المنشآت أن تتخلص بشكل قانوني من المياه القذرة من برك الرماد إلى الأنهار. وتقول ليزا إيفانز، المحامية في جماعة «عدل الأرض»: إنه رغم عدم وجود جزيئات مرئية من رماد الفحم في هذه العملية فإنها تتضمن كيماويات ذائبة. وقالت إيفانز: إنه رغم أن وكالة حماية البيئة وضعت قيوداً على مستويات الحموضة والشحوم والنحاس فيما يتم تصريفه من نفايات، «فهذه قائمة قصيرة للغاية بشكل لا يصدق من المواد الملوثة التي لا تتضمن كل المواد التي تقلقنا مثل الزرنيخ والسيلينيوم». ------- نويل سوان كاتب أميركي متخصص في شؤون البيئة ------- ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»