القانون الاتحادي رقم 2 لسنة 2014 الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة -حفظه الله- مؤخراً بشأن المشاريع الصغيرة والمتوسطة ينطوي على أهمية بالغة، ليس فقط لأنه ينظم الأحكام والعلاقة بين مؤسسات الدولة الرسمية كافة، ورواد المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وإنما أيضاً لأنه يستهدف بالأساس تطوير هذه النوعية من المشاريع حتى تكون داعماً أساسياً للتنمية الاقتصادية في الدولة، وتعزيز تنافسيتها كمركز رائد للأعمال في المنطقة. لا شك في أن هناك مردودات إيجابية عدة لتطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة، خاصة في ضوء ما تتمتع به هذه المشاريع من مرونة وقدرة كبيرتين على التحرك للدخول والخروج من السوق، وهي الميزة الأهم، حيث يمكن للدولة توجيهها إلى القطاعات الأكثر أهمية بالنسبة للاقتصاد، وفقاً للمراحل التنموية التي تمر بها، وبالتالي يمكن أن تسهم هذه المشاريع بشكل إيجابي في الناتج المحلي الإجمالي للدولة، إلى جانب تعزيز مكانة الدولة كمركز لريادة الأعمال وإقامة المشاريع والمنشآت. بالإضافة إلى أن هذه المشاريع تتعامل بشكل مباشر مع المستهلك النهائي، وهو ما يوفر لها العديد من المميزات، أهمها بالطبع، قصر الفترة الزمنية اللازمة لدورة رأس المال، وبالتالي ارتفاع حجم القيمة المضافة والعوائد التي يتم تحقيقها في هذه المشاريع. وعلاوة على ما سبق، فإن هذه المشاريع يمكن أن تسهم بدور إيجابي في تحقيق التنمية المتوازنة بالدولة، حيث تتميز بالقدرة على الانتشار والحركة، وبالتالي تغطية المناطق المختلفة في الدولة وعدم التركز في منطقة بعينها. كما تمثل المشاريع الصغيرة والمتوسطة إحدى الآليات المهمة التي يمكن من خلالها توفير فرص عمل للمواطنين الذين يدخلون سوق العمل سنوياً، ليس هذا وحسب، بل إنها أيضاً تقوم بدور حيوي في تطوير مهارات الكوادر المواطنة وقدراتها، خاصة لدى الشباب الطموح الذي يمتلك مهارات إدارة المشروعات الخاصة وتنميتها وتوسيعها، وهذا أحد الأهداف الرئيسية التي يسعى إلى تحقيقها القانون الاتحادي الجديد، حيث يشير في مادته الثانية إلى «تعزيز تنافسية المشاريع والمنشآت الصغيرة والمتوسطة من أجل توفير فرص العمل لمصلحة الاقتصاد الوطني، وتحفيز المواطنين ودعمهم لدخول سوق العمل في مجال المشاريع والمنشآت الصغيرة والمتوسطة». لاشك في أن إصدار هذا القانون الاتحادي الذي ينظم العلاقة بين مؤسسات الدولة المختلفة وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، سيمثل نقلة نوعية للاقتصاد الوطني خلال الفترة المقبلة، خاصة إذا ما تم الأخذ في الاعتبار أن هذه المشاريع تشكل 92 في المئة من مجموع الشركات العاملة في الدولة، بما يمثل 300 ألف شركة تستوعب أكثر من 86 في المئة من مجموع الطاقة العاملة في القطاع الخاص بالدولة، كما أن توجُّه الدولة نحو الاهتمام بتطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة يتواكب مع الأجندة الوطنية لـ«رؤية الإمارات2021» التي تستهدف وصول مساهمة الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى نحو 70 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ 60 في المئة حالياً. إن تطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتشجيع الإقدام عليها من جانب المواطنين، من خلال توفير التسهيلات والحوافز كافة، وتسهيل إنجاز المعاملات المرتبطة بها بشكل سريع وفاعل، إنما يعكس توجهاً استراتيجياً وتنموياً بعيد المدى، يستهدف تمكين المواطنين من الانخراط بفاعلية في مجال الأعمال، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية المساهمة بفاعلية في تنويع مصادر الدخل للاقتصاد الوطني، على أساس أن هذه المشروعات هي القاطرة الحقيقة نحو التنمية الشاملة والمستدامة والأساس القوي لبناء اقتصاد معرفي ناجح. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية