تولي الولايات المتحدة اهتماماً متزايداً بالمشكلة السورية، وقد أعلنت سياسة واضحة بدعمها للمعارضة السورية، حيث كتب مراسل صحيفة «نيويورك تايمز» في عددها الصادر يوم الجمعة 11 أبريل الحالي، من عمان (الأردن)، تحقيقاً عن التعاون الأميركي الأردني السعودي في دعم المعارضة السورية. فالأردن رغم إمكانياته المالية الضعيفة يستضيف مئات الآلاف من اللاجئين السوريين، وقد وفّر إمكانيات كبيرة لإعانة اللاجئين والمعارضة السورية في نفس الوقت، حيث فتحت هذه المعارضة جبهة على حدود الأردن مع سوريا. وهناك تنسيق عربي أميركي في غرفة عمليات بعمان، مهمة فريقها هي تسهيل العمليات العسكرية داخل سوريا بتوفير المعلومات والمعدات العسكرية والرواتب للمقاتلين وغيرها من الأمور اللوجستية. ورغم كل هذا الدعم فثمة تباين في السياسات تجاه المعارضة السورية، والتي يشتكي قادتها العسكريون من أن المساعدات الأميركية محدودة جداً، متهمين إدارة أوباما بالتردد والخوف وتقديم مساعدات محدودة تجعل المعارضة مستمرة، لكن دون أن تحقق انتصاراً. وقد حدد فريق التنسيق للمعارضة بعض الأماكن التي يجوز تدميرها ومواقع أخرى لا يُسمح بضربها، والقصد من ذلك هو استمرار الحرب دون تحقيق أي انتصار. الجنرال أسعد الزعبي، وهو طيّار عسكري سوري، يقود حالياً العمليات العسكرية في الجنوب، ويحذر من أن معظم الدعم الأميركي يذهب للجبهة الشمالية لسوريا على الحدود التركية، فالجبهة الجنوبية عملياتها محدودة، وهنالك تحكم وتدخل في عمل المعارضة. المراسل قابل العديد من قادة المعارضة وقد اشتكوا من جمود الوضع على الجبهة الأردنية، حيث تتحكم غرفة العمليات في عمان، وحيث تشارك أكثر من دولة. وبالنسبة للأردن فالأهم هو منع انتشار نفوذ القوى الإسلامية المتطرفة داخل الأردن، لأن ثمة تخوفاً من تأثير الأوضاع في سوريا على الداخل الأردني. أما الأميركيون، حسب وجهة نظر المعارضة السورية، فليس من مهامهم إقصاء الرئيس الأسد. ورسمياً تقدر المساعدات الأميركية للمعارضة بـ260 مليون دولار للأغراض غير العسكرية، وتقدم هذه المساعدات للقوى المعتدلة داخل سوريا. أما جل المساعدات العسكرية فهو غير معلن. المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض دافع عن السياسة الأميركية بتأكيده أنها لم تتغير، فنحن ندعم المقاومة السورية المعتدلة ونسعى لإنهاء الحرب الدموية ومعاناة الشعب السوري. لأننا لا نعتقد بوجود حل عسكري للأزمة وما تحتاجه سوريا هو المفاوضات لإيجاد حلول سياسية. الخارجية الأميركية ووكالة الاستخبارات المركزية، تنكران التدخل في سوريا على الجبهة الأردنية. الخلاف الرئيسي بين المعارضة السورية والولايات المتحدة يتمحور حول طلب المقاومة أسلحة ثقيلة وصواريخ مضادة للطائرات وغيرها من الأسلحة المتقدمة. كما تشتكي المقاومة من قلة التمويل، حيث يتقاضى المقاتل 50 دولاراً في الشهر، وكلهم أرباب أُسَر يعيلونها. هذه الخلافات بين المعارضة والطرف الأميركي والعربي دفعت بعض رجالات المعارضة للانخراط مع القوى الجهادية المتطرفة المدعومة من قوى خارجية تملك الأموال والأسلحة وتعتني بأهالي المقاتلين. ويبدو أن الأوضاع في سوريا بدأت تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على الأوضاع بالمنطقة ككل. فالدول العربية المعتدلة تريد دعم المعارضة السورية، لكنها تتخوف من تزايد نفوذ القوى الإسلامية الجهادية.. فما هي الخيارات المقترحة؟! يتعين على دول الاعتدال العربي الاتفاق مع الولايات المتحدة والغرب لإيجاد حلول سلمية للقضية السورية، حلول ترضي كل القوى والقوميات والطوائف في سوريا.