حزمة تحديات تنتظر «مودي».. ورؤية سويسرية لـ«الخطر الليبي» ------ الاضطرابات الأخيرة في ليبيا، وفوز حزب «بهاراتيا جاناتا» في الانتخابات العامة الهندية، ومساعي شينزو آبي لإعادة تأويل دستور اليابان على نحو يرفع القيود عن مشاركة جيشها في عمليات دفاع جماعي... موضوعات من بين أخرى نعرض لها بإيجاز ضمن قراءة في الصحافة الدولية. ------ الخطر الليبي صحيفة «لوتان» السويسرية أفردت افتتاحية عددها ليوم الثلاثاء للتعليق على «معركة الكرامة» التي يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر في ليبيا ضد من قال إنهم إرهابيون، معتبرةً أن على الغرب ألا يقف موقف المتفرج أمام ما يدور في ليبيا. وقالت في هذا الإطار إنه ربما ينبغي الرجوع إلى التسجيلات القديمة من أجل تذكّر إلى أي مدى كان مصير الليبيين في 2011 مهماً بالنسبة للغرب إلى درجة أنه أطلق عملية عسكرية واسعة من أجل القضاء على قوات القذافي. ولكن منذ ذلك الوقت ما فتئت ليبيا تغرق في الفوضى تدريجياً وفي حالة من اللامبالاة التامة. وحسب الصحيفة، فإن المفارقة تكمن في حقيقة أنه على رغم الفوضى تحديداً، وانقسام البلاد بين عشرات المليشيات وعدد من المجموعات المسلحة والمصالح المختلفة، لم تغرق ليبيا أيضاً بسرعة. ولكنها ترى أن كل شرارة يمكن أن تؤدي إلى إشعال النار التي سيكتوي بها الجميع. الصحيفة شددت على أن ليبيا اليوم أكثر أهمية بكثير بالنسبة للغربيين من ليبيا في 2011، وذلك بالنظر إلى ثلاثة أسباب على الأقل. فهناك النفط بالطبع، حيث تُظهر الأحداث المتواترة في أوكرانيا ضرورة ألا تضع أوروبا كل بيضها في السلة الروسية التي لم تعد جذابة وموثوقة مثلما كانت من قبل. وهناك أيضاً خطر الإرهاب، إذ ما فائدة تدخل عسكري في مالي، بغض النظر عن النجاح الذي كلل به، إذا سُمح لتهديد لا يقل خطورة بالظهور قريباً منه؟ تتساءل الصحيفة. وأخيراً، هناك معضلة الهجرة، حيث تطلق إيطاليا نداء الاستغاثة طلباً للمساعدة من الشركاء الأوروبيين أمام موجات المهاجرين غير الشرعيين الذين باتوا يتوافدون على جزيرة لامبيدوزا بشكل يومي تقريباً. وفي ختام افتتاحيتها، قالت الصحيفة إن ليبيا هي البلد الوحيد من بلدان «الربيع العربي» الذي عرف تدخلاً عسكرياً خارجياً. وعليه، فإن مسؤولية الغربيين واضحة وثابتة بكل تأكيد. «مودي» زعيماً للهند صحيفة «تورونتو ستار» الكندية اعتبرت ضمن افتتاحية عددها ليوم الثلاثاء أن رئيس الوزراء الهندي المكلف ناريندرا مودي لمس وتراً حساساً في خطابه المؤثر أمام حزبه يوم الثلاثاء احتفالاً بالفوز الذي حققه في الانتخابات، الذي أعاد فيه تحديد ملامح المشهد السياسي في أكبر ديمقراطية في العالم، حيث وعد بأنه بعد أدائه اليمين الدستورية في السادس والعشرين من مايو، سيقوم بتشكيل حكومة «تفكر في الفقراء... وتستمع للفقراء... وتعيش من أجل الفقراء»، كما قال وهو يقاوم الدموع، مضيفاً «إن الفقراء والضعفاء هم من أوصلونا إلى هنا». الصحيفة قالت إن الفقراء أداروا ظهورهم لحزب «المؤتمر الوطني» الذي حكم البلاد طويلاً حيث منحوا «بهاراتيا جاناتا» 282 مقعداً في البرلمان البالغ عدد مقاعده 543، وإن بـ31 في المئة فقط من التصويت الشعبي، وهو ما يمنح مودي أول تفويض منذ نحو 30 عاماً للحكم بدون ائتلاف. وأضافت تقول إن «بهاراتيا جاناتا» دحض ادعاء «المؤتمر الوطني» بأنه الحزب الحاكم الطبيعي، المتشبع بالتقاليد العلمانية والاشتراكية، مضيفة أن الحزب، الذي ابتلي بالشلل والفساد وتوقف النمو الاقتصادي تحت رئيس الوزراء مانموهان سينج، لم يحصل سوى على 44 مقعداً، وهو ما يرقى إلى عقاب انتخابي لحزب نخبوي جلب الاستقلال في 1947 وهيمن على الحياة السياسية في الهند منذ ذلك الوقت. ومثلما قال مودي نفسه، فإن سكان الهند الـ1,2 مليار نسمة -ولاسيما طبقتها الوسطى وشبابها- صوتوا «من أجل أمل وقوة جديدين»، ويريدون أن يصدقوا أن رئيس وزراء ولاية غوجرات السابق قادر على استنساخ تجربة حكمه الناجحة على صعيد البلاد برمتها هذه المرة. ولكن الصحيفة تقول إن مودي يواجه جملة من العراقيل والصعاب في سن إصلاحات اقتصادية تجسر الهوة الكبيرة بين الهند والولايات المتحدة والصين واقتصادات كبيرة أخرى. وعلاوة على ذلك، فإن «بهاراتيا جاناتا»، على رغم العدد المحدود من صناع السياسات فيه، يطمح إلى تحرير الاقتصاد الذي يعاني من البيروقراطية، واجتذاب الاستثمارات الخارجية، وإنشاء البنى التحتية، ومحاربة الفساد، والتحكم في التضخم، وخلق الوظائف لقوة عاملة تزداد بسرعة. غير أن مودي أيضاً شخصية مثيرة للانقسام، تقول الصحيفة، حيث تثير قوميته الهندوسية المترسخة مخاوفَ بين مسلمي الهند البالغ عددهم 175 مليون نسمة، وأقليات أخرى. وفي هذا السياق، أشارت صحيفة «ذا هيندو» الهندية في افتتاحية لها إلى «نقص كبير في الثقة» يتعين على مودي معالجته. ذلك أنه عندما كان مودي رئيساً لوزراء ولاية غوجرات في 2002، أدت أعمال شغب معادية للمسلمين إلى مقتل أكثر من 1000 شخص، وهو ما يمثل وصمة عار في جبين البلاد إلى اليوم. الصحيفة قالت إنه إذا كان من الواضح أن مودي يعتزم الاستيلاء على ادعاء حزب «المؤتمر» التقليدي بالانتصار للفقراء والمستضعفين في الهند، فإنه سيتعين عليه أن يقنع المسلمين بأنه مستعد للحكم من أجل كل المواطنين الهنود، مشددة على ضرورة أن يتقرب أيضاً من الهنود الذين لم يصوتوا لحزبه. وفي ختام افتتاحيتها، أكدت أن على الزعيم الهندي الجديد أن يسمو فوق الجذور الطائفية ويفي بتعهده بـ«العيش من أجل الشعب»، وذلك لأن جميع الهنود ينبغي أن يشعروا بأن لديهم مصلحة في المستقبل. خطوة اليابان الدفاعية اعتبرت افتتاحية لصحيفة «آيريش تايمز» الإيرلندية أن قرار رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي القاضي بقبول توصيات لجنة خبراء حول إمكانية مشاركة اليابان في دفاع ذاتي جماعي عبر حماية البلدان الحليفة في حال تعرضها لهجوم يمثل «تحولاً كبيراً» في سياسة بلاده الدفاعية والخارجية، وذلك على اعتبار أن الفصل التاسع من الدستور الياباني ينبذ الحرب، وهو قيد يثير استياء آبي ولكنه لا يستطيع تغييره لأنه عاجز سياسياً. وبدلاً من ذلك، تقول الصحيفة، يهدف هذا التأويل الجديد لسياسة تقييدية جداً لمنح اليابان قدراً أكبر من المرونة من أجل دعم الوجود الأميركي فيما أخذ يتحول بسرعة إلى منطقة آسيوية غير مستقرة. وهذا السياق الواسع أشير إليه في تعليقات قلقة لمتحدثين باسم الحكومتين الصينية والكورية الجنوبية، وخاصة مع تأكيد آبي بوضوح على التقاليد القومية لليابان منذ عودته إلى السلطة في ديسمبر 2012، ويبدو أن هذه الخطوة تمثل جزءاً من نسق ستصبح فيه اليابان أكثر ميلاً لفرض نفسها وتأكيد قوتها. وحسب الصحيفة، فإن استمرار التوتر حول جزر سينكاكو/ دياويو المتنازع عليها مع الصين، إلى جانب إشارة آبي إلى السجال الكلامي الحاد بين فيتنام والصين الناتج عن التنقيب عن النفط بالقرب من جزر متنازع عليها في بحر جنوب الصين، يُبرز أن هذا التحول في السياسات يمكن أن تكون له عواقب عسكرية. الصحيفة ذكّرت بأن أوباما أكد أن جزر سينكاكو/ دياويو مشمولة باتفاقية الدفاع مع اليابان في حال تعرضها لهجوم من الصين، وقالت إن الخطوة التي أقدم عليها آبي من شأنها أن تسمح لليابان بتوفير دعم لوجستي للقوات الأميركية خلال أي أزمة كورية وزيادة الدعم على صعيد الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع لحليفها في المنطقة. وهذه اعتبارات مهمة بالنسبة للجيش الأميركي. أما سياسياً، فهي جزء من جهود أوباما الرامية إلى كسب دعم آبي لاتفاقية «الشراكة العابرة للمحيط الهادي» التجارية، التي ما زالت تترنح بسبب استمرار المقاومة اليابانية لخفض تعريفات زراعية مرتفعة، علماً بأن هذه الاتفاقية لا تشمل الصين ويُنظر إليها هناك باعتبارها جهداً أميركياً يروم احتواء قوتها الاقتصادية الصاعدة. ثم ختمت الصحيفة افتتاحيتها بالقول إن التفسير الصيني للخطوات الدفاعية اليابانية، إلى جانب ضمانة الدفاع الأميركي، من المحتمل أن يعزز ويقوي الانطباع بأن الأمر يتعلق باستراتيجية ثنائية المسار. إعداد: محمد وقيف