الولاء لله ورسوله والوطن، ولتكن مصر فوق الجميع، بعيداً عن الولاءات الشخصية والحزبية والمؤسسية والتنظيمية الجانبية، حتى يصبح شعار المصريين في المرحلة الحرجة القادمة من تاريخ الأمة المصرية، فبالأمس القريب استطاع رجل الشارع البسيط أن يغير وجه التاريخ ويعيد صياغة المعادلة الإقليمية للقوى والنفوذ، ووفق المعطيات على خارطة السياسة العالمية المعاصرة. وتحسباً لما هو قادم لا بد أن تصبح قضية حماية التراب الوطني المصري هي الأولوية الأولى للنظام المصري، فلم يعد مصطلح دولة فاشلة بمنأى عن مصطلح نظام عالمي فاشل والانحراف في السياسة الدولية وصل لمرحلة حرجة جداً. ولذلك تعد تهدئة الأمور الداخلية وامتصاص المعارضة بعقلانية، وعدم إقصائها كشريك رئيسي، وإخماد مصادر إخلال الميزان والاستقرار الأمني لإحداث التوازن بين السياسة والاقتصاد والتنمية الشاملة والديمقراطية المقيدة، والدبلوماسية التقاطعية مزدوجة الأوجه، ضرورة قصوى للحفاظ على مصر في الوضع الراهن، وفي ظل المتغيرات الحالية، وعطفاً على مكانة مصر التقليدية في العالم العربي والإسلامي. الرئيس السيسي ليس لديه خيار سوى أن يحقق التوأمة بين القطاع الخاص والقطاع العام والمراكز البحثية والعلمية والقوات المسلحة كخط إنتاج وتنمية أول، بجانب مساعدة الأصدقاء والحلفاء، وعودة العقول المهاجرة وجذب الخبرات العالمية لتحديث البنية التحتية لإدارة الأصول المصرية الحيوية. فهل سيؤسس الرئيس السيسي لدولة مدنية عصرية؟ وهل سيتم تعديل الدستور وفق مفاهيم حاكمة ليتمكن الرئيس المصري القادم من اختيار فريق عمل وليس فردا، بحيث إن الرئيس له الحق في اختيار فريق عمله بعيداً عن التسويات السياسية وما هي مصر التي يردها المصريون ككل وليس فردا أو جماعة أو لوبي أو حزبا أو فصيلا أو مؤسسة، ليكون مستوى معيشة وفرص عمل المصري في القرى مساويا للطبقة الوسطى في المدن. فمشكلة مصر مشكلة إدارة، وإدارة أصول مادية ومعنوية في المقام الأول، ووجود خطط قابلة لتنفيذ حملات للدبلوماسية العامة داخل وخارج الحدود لتصحيح صورة مصر، والشفافية في تحديد بوصلة اتجاه سفينة التنمية المصرية بعيداً عن الشعارات والآمال غير ممكنة التحقيق. ويجب ألا يغيب عن الذهن أن هناك تحديات مستعصية تعاني منها مصر، وستعاني منها مستقبلاً، بعد أن أصبح العنف، الذي يتراوح بين ضرورة فرض السلطة والقانون وبين القمع أحياناً والتخوين لغة الحوار على نطاق واسع، فالحكومة الجديدة تريد أن تقول للشعب إنه لا مجال للعودة إلى نظام مبارك والاستبداد السياسي، بينما البنية التحتية السياسية والعسكرية المصرية والمشكلات الهيكلية، التي أدت إلى الثورة، وحجم التحديات الأمنية التي تواجهها مصر في الداخل والخارج، تقول غير ذلك. فالتحديات التي تواجه مصر عديدة ومتنوعة مثل الموازنة العامة للدولة وتوفر مصادر النقد الأجنبي وملف الأمن الداخلي والخارجي، وقضايا الصحة والتعليم، وأهمية إعادة توزيع السكان بشكل صحيح على المسطح العمراني وأزمة الإسكان، وتحدي رفع مستوى الدخل والقضاء على البطالة، وملف إعادة منظومة التصنيع والصناعة، وتعثر مشاريع دعم بنية ونظام وتمويل مؤسسات القطاع الخاص الصغيرة والفردية، وغياب أسس ولبنات الاقتصاد الذكي، ناهيك عن إنعاش وإعادة قوانين وتشريعات الاقتصاد التقليدي، وملف جذب الاستثمار الخارجي، وملف القضاء على الأمية، وملف التطوير الزراعي والثروة المائية والحيوانية، وملف البنى التحتية للمواصلات والاتصالات، وضعف مخصصات البحث العلمي ومنظومة التعليم العالي، وملف توافر شبكات الأمان الاجتماعي وقاعدة بيانات ومعلومات والتوسع في تطبيق اللامركزية، وملف تعزيز القدرة التنافسية الاقتصادية والصناعية والتقنية، وملف تحديث الجهاز الشرطي والأمني، وملف إدماج المعارضة في النسيج الوطني واتخاذ القرار والمشاركة السياسية، وملف تطبيق قواعد الحوكمة الرشيدة في المؤسسات المالية العامة، وملف تشجيع ريادة الأعمال وخاصة للشباب، وملف الحوار الوطني، وملف الحقوق الفردية للمصريين، والحاجة إلى مزيد من الأفكار حول الحكم في مصر، وملف الإصلاح الاجتماعي والثقافي، وملف تنويع مصادر الدخل الوطنية، وملف الديون المصرية وإدارة فوائد تلك الديون، وملف الواقع الاجتماعي الشبابي السياسي الجديد في مصر، وملف التخلص من الاحتكار والإقطاعية التجارية، وملف تغيير نظام القيم في البلاد والابتعاد عن التقليدية، والفجوة بين الأجيال، وملف الصراعات الأيديولوجية، والتقسيم الاجتماعي، وملف الإرهاب والفكر المتطرف، وملف التعايش السلمي، وملف إعادة إنعاش وتطوير صناعة السياحة في مصر، وملف التنمية المعرفية للمجتمع، وملف دستور متوازن يناسب روح العصر المدني الحداثي، ولا يفرض في ركائز الأمن القومي والقيم الروحية للمجتمع المصري، وملف القوى السياسية الثورية الشبابية، وملف منظومة جماعات الإسلام السياسي الحركي، وملف دور وعلاقات مصر في العالم العربي والإسلامي والقارة الإفريقية، والملف الإسرائيلي، وملف تأمين الحدود وحمايتها، وملف معدلات النمو السكاني، وملف الفساد والمحسوبية، وملف التباين الكبير في الدخل الفردي ومستوى المعيشة، وملف الدولة المنتجة التخصصية، وملف العلاقة بين الجيش والبرلمان، وملف مصالح الولايات المتحدة والقوى الكبرى في المنطقة، وملف النقابات العمالية خارج الهيكل التي تسيطر عليها الدولة، وملف سلاح العصيان المدني وحراك العالم الافتراضي، وملف إرث الحزب الوطني الديمقراطي، ومئات الآلاف من البلطجية، وملف الفقر الشعبي التكنولوجي، وملف العدالة الاقتصادية، وملف الهجرة العكسية لتعمير منظومة الزراعة المصرية على أسس علمية وتمكين الفلاح من استخدام تلك الأسس. وأتوقع على الرغم من كبر حجم التحديات وتنوعها وحاجتها للوقت والموارد ومشكلة السيولة والتمويلات مقارنة مع الاحتياجات، إلا أنه في الشهور القليلة القادمة، ستطرح مؤسسة الرئاسة الاستراتيجية الوطنية المصرية وخارطة الطريق لمستقبل مصر وفق أهداف واضحة ومؤشرات أداء ستقنع الشعب أن التغيير الإيجابي المرجو قادم لصناعة غد أفضل لجميع الأطراف. وهذا سيتم بالتركيز على اقتصاد المعرفة والبحث العلمي ورأس المال البشري الخلاق، وتطوير ملف الطاقة الشمسية وفتح ملف الطاقة النووية السلمية، ومراكز بحوث «النانو تكنولوجي» والكيمياء الحيوية والطاقة البديلة وإدارة النفايات، وإدارة الملاحات وإدارة التحجير والتعدين وزراعة السلع الحيوية والاستثمار الأمثل للثروة السمكية وإدارة المنافذ والموانئ البحرية كمناطق حرة تصنيعية وتجارية حديثة، والتركيز على جعل قناة السويس مصدر دخل رئيسيا بفكر اقتصادي متكامل يوظف ملايين المصريين والاستثمار في المدن الذكية وصناعة البرمجة والتجارة الإلكترونية ودعم المشاريع الاقتصادية الشبابية والنسائية، وبناء مدن لدعم الصناعة وجذب رأس المال الصغير والمتوسط مع توفر القروض الميسرة، والسماح للمستثمرين الأجانب بإدارة المرافق الحيوية والخصخصة بمشاركة مصرية فاعلة، فإلابداع والاختراع والصناعات الذكية طريق خلاص محتمل لمصر بجانب توجه الاستثمار الخليجي لمصر بصورة مكثفة، ففرص الاستثمار في مصر عائدها مجز جداً، ويقارب الستة أضعاف، وهو رقم خيالي بشرط القضاء على الروتين والقوانين الأثرية للاقتصاد والاستثمار، وجعل الإجراءات لا تتعدى ساعات بدل الأيام والأسابيع والشهور، وتحقيق الأمن والسلامة المجتمعية ومفهوم الدفاع المجتمعي الشامل مع تمكين الأجيال المستقبلية من مجاراة العالم في إجادة اللغات الحية المهيمنة على المشهد العالمي.