مستقبل قطاع غزة.. والصمت الغربي على الأزمة العراقية هل أدت عملية «الجرف الصامد» إلى إضعاف حركة حماس؟ وهل أخطأ الجيش الإسرائيلي عندما دعا سكان المناطق القريبة من غزة إلى العودة لمنازلهم؟ وما هي تداعيات استمرار الصمت الدولي على الوضع في العراق؟ وكيف تساعد وكالة «الأونروا» سكان قطاع غزة؟ تساؤلات نعرض لها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الإسرائيلية خلال الأسبوع الماضي. أزمة «حماس» دعا الكولونيل «يوري هالبرين»، ضابط المخابرات وملحق جيش الاحتلال الإسرائيلي السابق في مقر حلف شمال الأطلسي «الناو»، إسرائيل إلى الاستفادة القصوى وانتهاز فرصة ضعف موقف حركة «حماس» عقب عملية «الجرف الصامد» ضد قطاع غزة، موضحاً، في مقال نشرته صحيفة «هآرتس» يوم الثلاثاء الماضي، أن سبيل ذلك هو تعزيز العلاقات مع الحلفاء الإقليميين والانفتاح على دور أكبر للرئيس محمود عباس. بيد أن «هالبرين»، الذي عمل أيضاً مستشاراً استخباراتياً في مكتب رئيس الوزراء، حذر من استمرار معاقبة «حماس» حتى النهاية، مضيفاً «أن الصيغة الأفضل لمستقبل غزة هي نزع سلاح القطاع فعلياً في مقابل استقلالية اقتصادية حقيقية، وهو ما ينبغي أن تبدأ إسرائيل فعله الآن». وطالب إسرائيل ببناء علاقات «أكثر كرماً» مع القطاع، مشيراً إلى أن بناء غزة يتطلب سنوات، لكن تدميرها لا يحتاج سوى إلى بعض «القنابل الذكية». ولفت «هالبرين» إلى أنه من منظور عسكري، خسرت «حماس» أصولها الأساسية، حتى وإن كانت بعض الأنفاق لا تزال سليمة، إلا أن تطويق القوات الإسرائيلية لقطاع غزة لن يسمح للحركة بتنفيذ هجوم إستراتيجي متعدد الأبعاد، مؤكداً أنه على رغم أن الجماعات المسلحة في غزة لا يزال يمكنها إطلاق صواريخ متوسطة المدى، إلا أن القبة الحديدية تحرمها من تحقيق أي مكاسب. وأضاف: «إن حماس كانت تتوقع الخروج من هذه الجولة بمكاسب رمزية، وتخفيف الحصار، وهو ما يعزز صورتها على الأقل، ولكن بدلاً من ذلك وجدت نفسها عاجزة عن تحقيق أي انتصار». وهو يرى أن «حماس» معزولة سياسياً عن أي تأييد حقيقي، وباتت تدفع ثمن المواجهة الأخيرة من دون مساعدة أي من حلفائها المتبقين، وقد أخفقت كافة محاولاتها الرامية إلى ممارسة ضغوط خارجية من خلال «حزب الله» أو المنظمات الفلسطينية في لبنان أو إثارة انتفاضة في الضفة الغربية، أو حتى استغلال عرب إسرائيل. «حماس» تواجه ضائقة شديدة إثر عملية الجرف الصامد، لا سيما نقص السيولة المالية التي حرمتها من دفع رواتب موظفيها. وأفاد بأن كافة هذه العوامل تزداد سوءا في الوقت الراهن، وكل يوم يمر من دون نتائج للمحادثات في القاهرة يمثل مزيداً من الضغط على قيادة «حماس» ويضعف البنية التنظيمية للحركة، وهو ما يمكن أن تستفيد منه إسرائيل حسب زعمه. وقال «هالبرين»: «إن الجيش الإسرائيلي ليس بحاجة لشنّ عملية برية أخرى مانحاً حماس أهدافاً للقتل والخطف، وليست مضطرة لتقديم أية تنازلات، ويبدو أن الوقت في جانب إسرائيل»، غير أنه شدد على أن مواصلة الضغط على «حماس» يدفعها إلى التصرف مثل أسد حبيس، وإلى السعي في مسار غير حكيم، وسيبقى خيارها الوحيد المتبقي هو استغلال كافة مواردها المتبقية محاولة الإضرار بإسرائيل. أخطاء إسرائيل أكد الكاتب «رون بنيشاي» في مقال نشرته صحيفة «يديعوت أحرنوت» يوم الاثنين الماضي على ضرورة أن توضح إسرائيل لحماس أنها لن تستفيد من مواصلة إطلاق الصواريخ بينما يطور الجيش الإسرائيلي خطة دفاع متطورة جديدة، معتبراً أن قائد الأركان «بيني جانتز» وقائد القيادة الجنوبية «سامي ترجمان» أخطآ في حض السكان الإسرائيليين القريبين من قطاع غزة على العودة إلى منازلهم الأسبوع الماضي. وأوضح أن ذلك كان خطأ معرفياً وعملياً وقع فيه أيضاً رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع موشيه يعلون، اللذان أوجدا انطباعاً بأن المعركة العسكرية قد انتهت وأن أهدافها قد تحققت بمجرد بدء وقف إطلاق النار لمدة 72 ساعة. وأشار إلى أن ذلك كان خطأ سياسياً بالنسبة لنتنياهو، مكّن كافة خصومه في جناح «اليمين» من مهاجمته بكل قوتهم، والمطالبة باجتياح آخر للقطاع بهدف احتلاله. وأضاف «بنيشاي»: إن دعوة السكان القريبين من غزة إلى العودة لمنازلهم أوجد انطباعاً بين قادة «حماس» أن استئناف إطلاق الصواريخ سيفسره الإسرائيليون على أنه فشل من قبل جيشهم، لافتاً إلى أن الخطأ العملي هو أن القوات التي تركها الجيش الإسرائيلي حول المجتمعات القريبة من السياج الحدودي لا تكفي لحماية السكان العائدين من قذائف الهاون، التي تعتبر في الوقت الراهن أكثر الأسلحة فتكاً تطلق من غزة. وانتقد الكاتب تسريب تقييم الخسائر العسكرية الإسرائيلية بعد عرضه على الحكومة، وحقيقة أن الأنفاق كانت الهدف الوحيد من العملية البرية، إذ زاد ذلك من ثقة حماس بنفسها، مضيفاً «إن استئناف إطلاق الصواريخ كان على الأرجح نتيجة الشعور بأن إسرائيل لن تتوغل داخل القطاع بسبب خشيتها من الخسائر». غير أنه اعتبر أن هذه الأخطاء وغيرها لا تعني فشل الجيش الإسرائيلي في عملية «الجرف الصامد»، حيث تحققت معظم الأهداف، وعلى الأرجح ردعت المنظمات الجهادية في غزة. صمت غربي انتقدت صحيفة «جورزاليم بوست» في افتتاحيتها يوم الاثنين الماضي الصمت الغربي المطبق إزاء الوضع المتدهور في العراق، وقارنته بصمت الدول الغربية على عمليات إبادة جماعية سابقة في كمبوديا ورواندا والسودان، حيث كان من الممكن منع ارتكاب تلك الجرائم، بيد أن الصحيفة أخفقت في الإشارة إلى الهجمات والجرائم الإسرائيلية الوحشية ضد المدنيين في قطاع غزة. وأوضحت أنه على مدار أشهر تجاهل المجتمع الدولي زحف تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق، ولم يكن ذلك بسبب نقص المعرفة، لافتة إلى أن التنظيم يتفاخر بانتهاكاته وينشر مقاطع فيديو لمقاتليه يعدمون خصومهم. وأشارت إلى أنه عندما قرر الرئيس الأميركي باراك أوباما في السابع من الشهر الجاري شن ضربات جوية على أهداف لـ«الدولة الإسلامية»، انصب التركيز على حماية الدبلوماسيين والمستشارين الأميركيين في أربيل. واعتبرت أن الولايات المتحدة لها الحق في عدم تعليق آمال كبيرة على حدوث تغيير في الشرق الأوسط، لكن ما من سبب يجعلها تتخلى عن الأقليات في المنطقة وحمايتهم، بينما يواصل التنظيم قتل أفراد الجماعات التي تعتبرهم «كفاراً». وأضافت: «إن أوباما أصاب في أن على العراقيين مواجهة هذا التهديد بأنفسهم، ولكنهم لا يستطيعون فعل ذلك من دون دعم خارجي، ولابد أن تكون الرسالة الموجهة من البيت الأبيض والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والجامعة العربية أكثر وضوحاً، ويجب وقف كافة محاولات التطهير العرقي والإبادة الجماعية». ودعت في ختام افتتاحيتها إلى نسج شبكة أمن قومي وتعاون قوية ضد الإرهابيين والجماعات الإرهابية الخطيرة التي تهدد نسيج العالم المتمدن. دور «الأونروا» اعتبر الخبير الاقتصادي «يشاي أشلاج»، في مقال نشرته صحيفة «جلوبز» الاقتصادية، أن المليارات التي أنفقتها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين على أنشطة المساعدات كان يمكن استخدامها في بناء الاقتصاد الفلسطيني. وأوضح أن ميزانية «الأونروا»، التي توفرها بصورة أساسية الولايات المتحدة وكندا والاتحاد الأوروبي، تصل إلى مليار دولار سنوياً، مشيراً إلى أن على إسرائيل مناقشة الجهات المانحة والتعاون معها من أجل استبدال آلية المساعدات الإنسانية التي تقدمها الوكالة بآلية اقتصادية مختلفة تعتمد على بناء الاقتصاد. وأشار إلى أنه من أجل تغيير الديناميكية بين إسرائيل وغزة، على الحكومة الإسرائيلية أن تغير ما وصفه بـ «نظام الحوافز الاقتصادية» لسكان القطاع، ويستلزم ذلك مقترحاً إسرائيلياً بنزع السلاح مقابل إعادة الإعمار. وأضاف: «إن آلية عمل الأونروا لم تفعل شيئاً لسكان قطاع غزة، إذ لم تمنحهم طريقة كريمة لكسب قوت يومهم، وعلى مدار أكثر من خمسين عاماً، ساعدت الوكالة على استمرارية وضع سكان القطاع، تاركة إياهم في حاجة دائمة لمزيد من المساعدات». إعداد: وائل بدران