في عام 1996 أعلنت الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة الـ29 أغسطس يوماً عالمياً لمناهضة التجارب النووية. واليوم يعترف العالم على نطاق واسع بالمساهمة غير المسبوقة لكازاخستان في عملية نزع السلاح النووي والحد من التهديد النووي. وكما هو معلوم فإن رئيس جمهورية كازاخستان نورسلطان نزارباييف أصدر في عام 1991 مرسوماً يقضي بالإغلاق الدائم لموقع «سيمبالاتنسك» للتجارب النووية، الذي يمثل واحداً من أضخم المواقع في العالم. وفيما بعد تخلى بلدنا طوعاً عن امتلاك رابع أكبر ترسانة صواريخ نووية في العالم. لم يكن لعب كازاخستان لهذا الدور محض صدفة، فعلى مدى 40 عاماً أجرى الاتحاد السوفييتي في «سيمبالاتنسك» 456 تفجيراً نووياً بقوة إجمالية تفوق بأكثر من 2500 مرة قوة القنبلة التي ألقيت على هيروشيما. وعانى من آثار التجارب النووية مليون ونصف مليون شخص، فيما تعرضت مساحة واسعة من الأراضي لدرجات متفاوتة من التلوث الإشعاعي. لذلك، فإن شعب كازاخستان يدرك تماماً الثمن الفعلي للتجارب النووية. وبتخليها عن أكثر من 1000 رأس نووي حربي وتدميرها للبنية التحتية للتجارب النووية في الموقع، تمتلك كازاخستان كامل الحق الأخلاقي في دعوة المجتمع الدولي للتخلي الحثيث عن الأسلحة الفتاكة. ومن الرمزية أنه بعد 18 عاماً على إغلاق موقع «سيمبالاتنسك» للتجارب النووية، أعلنت الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة يوم الـ29 أغسطس يوماً عالمياً لمناهضة التجارب النووية. وحظيت المبادرة العالمية لمكافحة عمليات الإرهاب النووي، في سبتمبر 2010 في أستانا، بالاعتراف والدعم من قبل المجتمع الدولي. وتعتبر كازاخستان المبادرة العالمية عنصراً هاماً في تعزيز النظم القائمة لعدم الانتشار ومواجهة التهديد الإرهابي. ويمثل الإرهاب باستخدام الأسلحة النووية والإشعاعية واحداً من أخطر التحديات الأمنية التي تواجه المجتمع الدولي. والتهديد بتنفيذ مثل هذه الأفعال هو واقعي اليوم أكثر من أي وقت آخر. ويرجع ذلك وبدرجة كبيرة إلى سعي عدد من البلدان والمنظمات الإرهابية لامتلاك أسلحة نووية. وللأسف، أثبتت التجربة أن أولئك الذين اختاروا العنف والإرهاب تكتيكاً لتحقيق أهدافهم لا يفوتون أي فرصة لامتلاك أسلحة الدمار الشامل. واليوم تمثل كازاخستان مثالا على ضبط النفس الطوعي لصالح الحفاظ على السلام والاستقرار في العالم. وفي 8 سبتمبر 2006، وبتعاون وثيق مع الأمم المتحدة، وقّعت بلدان آسيا الوسطى -كازاخستان وأوزبكستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان- في «سيمبالاتنسك» اتفاقاً بشأن إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في آسيا الوسطى. ويرى مواطنو كازاخستان في هذا الاتفاق مساهمة حقيقية في تعزيز نظام منع الانتشار النووي. وعلاوة على ذلك، وبمواصلتها للصراع ضد التهديد النووي، تعترف كازاخستان في الوقت نفسه بحق أي دولة في تطوير التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية تحت رقابة صارمة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ومن خلال تذكيرها العالم بالعواقب المأساوية للتجارب النووية، تدعو أستانا المجتمع العالمي إلى عملٍ أكثر حزماً في حظر لها نهائي ولا رجعة فيه. اليوم أود التأكيد على أهمية مبادرة الرئيس نورسلطان نزارباييف لإطلاق مشروع «آتوم» العالمي. ويهدف هذا المشروع إلى إخطار المجتمع الدولي بالآثار الكارثية الموثقة لتجارب الأسلحة النووية -لاسيما التجارب النووية الـ450 التي أجريت في كازاخستان بين عامي 1949 و1991، والتي كانت لها آثار سلبية على صحة وحياة قرابة مليوني شخص. وفي إطار مشروع «آتوم» تنفذ على المستوى العالمي فعاليات دعائية ينصب اهتمامها الخاص على سكان البلدان النووية، لتذكيرهم بالحقائق الرهيبة للحرب النووية كما أظهرتها الهجمات على مدينتي هيروشيما وناجازاكي في عام 1945، وبالمعاناة البشرية الهائلة والأضرار البيئية الناجمة عن إرث خمسة عقود من تجارب الأسلحة النووية، التي استمرت في العالم إلى أن افتتح في عام 1996 باب التوقيع على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية. ويدفع مشروع «آتوم» إلى المقدمة معاناة ضحايا معينين منتشرين في أنحاء العالم للتجارب النووية التي استمرت لعقود، ويأمل في جذب انتباه الناس في جميع أنحاء العالم إلى محنة ما يقرب من 15 مليون ضحية تعرضوا للإشعاع في بلدان مثل كازاخستان وجزر مارشال واليابان والجزائر. وتتمثل مهمة المشروع في حشد تأييد الرأي العام العالمي للإلغاء النهائي لتجارب الأسلحة النووية والقضاء التام على الأسلحة النووية من قبل جميع البلدان. مشروع «آتوم» هو حملة عالمية تهدف إلى تزويد الرأي العام بالمعلومات المتاحة حول المخاطر والعواقب المترتبة على التجارب النووية، على البيئة والإنسان في المقام الأول. وبالإضافة إلى الجهود التثقيفية والتوعوية في إطار مشروع «آتوم»، يجري إعداد فعاليات ترمي إلى تسليط الضوء على الهواجس العالمية المتزايدة بشأن التهديد النابع من ترسانات الأسلحة النووية الموجودة. وبمقدار قوة دعم المجتمع الذي سيولده مشروع «آتوم»، من خلال الجهود التعليمية والتوعوية والحملة الدولية لجمع توقيعات على العريضة ضد التجارب النووية، أن تكون لدى المشروع إمكانات أكبر لجذب دعم إضافي لجهود المنظمات غير الحكومية والبرلمانيين والناشطين. وبالنتيجة، من شأن ذلك أن يساعد في التأثير على قادة الدول الرائدة من أجل بناء عالم خالٍ من الأسلحة النووية. وحتى الآن قام أكثر من 91 ألف شخص من أكثر من 100 دولة بالتوقيع على العريضة على الإنترنت في الموقع الإلكتروني لمشروع «آتوم»: www.theatomproject.org وفي رسالته الخاصة على الإنترنت بمناسبة الذكرى الرابعة لإعلان «29 أغسطس يوماً عالمياً لمناهضة التجارب النووية»، دعا الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، بان كي مون، المجتمع الدولي إلى «المحافظة على وتيرة التقدم في وضع حد للتجارب النووية، وكذلك المساهمة في بلوغ عالم خالٍ من الأسلحة النووية». _ _ _ _ __ خيرات لاما شريف سفير جمهورية كازاخستان لدى دولة الإمارات العربية المتحدة