شهدت الآونة الأخيرة ارتفاعاً في مشاركة دولة الإمارات العربية المتحدة في العديد من الأنشطة والفعاليات الدولية، تماشياً مع تعاظم دورها في المجتمع الدولي، فعلى الصعيد الأممي قدمت الإمارات في مبادرة هي الأولى من نوعها، مقترحاً لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة خلال اجتماعاته الأخيرة الشهر الماضي بشأن أفضل ممارسات تمكين الإناث من الالتحاق بالتعليم، وإزالة كل العوائق التي تحول دون تعليمهن، حيث أصدر المجلس قراراً في هذا الصدد بناء على الاقتراح الإماراتي، وقد جاء ذلك بالتزامن مع مشاركة الدولة في حلقة نقاش حول العلاقة بين التعليم والتوظيف، نظمتها «مؤسسة مبادرة كلينتون العالمية» في مدينة نيويورك الشهر الماضي، وقد تمت الإشارة في النقاشات إلى دور «مؤسسة دبي العطاء» في توفير فرص التعليم أمام الأطفال في الدول النامية، وفي تحقيق المساواة بين الجنسين في تلقي التعليم، وهو ما يتماشى مع رؤية القيادة الرشيدة في كون تمكين المرأة سيسهم في تحسين أوضاع المجتمع في العديد من القطاعات في تلك الدول. وفي هذا السياق فقد اختارت «منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة» (اليونسكو)، رئيس جامعة حمدان بن محمد الذكية، لعضوية مجلس أمناء «معهد اليونسكو لتقنيات المعلومات في التعليم»، كأول عضو عربي في المجلس. وتعد مشاركة الإمارات على هذا النحو الكثيف في المحافل الدولية، واختيار المواطنين الإماراتيين لشغل مناصب دولية مهمة، تأكيداً على المكانة التي تضطلع بها الإمارات في الأوساط الدولية، ومؤشراً إلى نجاحها في توفير البيئة اللازمة لإعداد الكفاءات الوطنية القادرة على لعب دور مهم في إدارة واتخاذ القرار في المنظمات الدولية الكبرى. جدير بالذكر أن الإمارات أبرمت مذكرة تفاهم مع الأمم المتحدة للانضمام إلى برنامج إعداد الخبراء الدوليين في هيئة الأمم المتحدة، وبموجب المذكرة سترسل الإمارات خبراء من المواطنين للعمل في المنظمة الدولية لفترة تتراوح بين عام وعامين، ويمكن أن يعملوا فيما بعد في المؤسسات التابعة للمنظمة، في ما يعد استكمالاً للنهج الإماراتي الطامح إلى الاضطلاع بدور عالمي أكثر فاعلية، فمشاركة الإماراتيين في البرنامج الأممي ستعمل على تزويد الدبلوماسيين الإماراتيين بمهارات وخبرات العمل في المنظمات الدولية، والتعامل مع القضايا الدولية باختلاف قطاعاتها، وزيادة كفاءاتهم للارتقاء بأدائهم الوظيفي، ومن ثم تطوير الدبلوماسية الإماراتية والارتقاء بها، وتفعيل مشاركة الدولة في القرارات الأممية كإحدى القوى البارزة في التأثير في القضايا، سواء على الصعيد الإقليمي أو الدولي، وتحسين فرص تأثير السياسة الإماراتية في تشكيل المواقف في القضايا الدولية، علاوة على إسهامها في صياغة السياسات الإماراتية حيال القضايا الدولية، وتحديد الموقف الإماراتي بما يخدم المصلحة العليا للوطن. وبشكل عام، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة لديها مصلحة وطنية على قدر كبير من التوافق والاتساق مع مصلحة المجتمع الدولي، وذلك في ظل المبادئ التي تتبناها الدولة والأسس والثوابت الراسخة التي تبني عليها سياساتها الخارجية، التي من بينها توفير الأمن والاستقرار والسلام العالمي، وهو ما ظهر في دعوة الإمارات الأخيرة، أمام قمة مجلس الأمن الدولي في 25 سبتمبر الماضي المجتمع الدولي إلى انتهاج استراتيجية عالمية موحدة، للتعاون الدولي لمواجهة ظاهرة الإرهاب ومحاصرة التطرف المهدِّدَين للأمن والسلم الدوليين، والتي كشفت عن الرؤية الثاقبة في السياسة الإماراتية التي دعت إلى مواجهة التطرف ليس على الصعيد العسكري فقط، بل على الصعيد الفكري من خلال محاصرة استغلال مواقع التواصل الاجتماعي لتجنيد الشباب للمنظمات الإرهابية وبث الأفكار المتطرفة، وتطوير القوانين بما يتناسب مع مستجدات الوضع الحالي من ناحية تجريم فعل التحريض على التطرف والإرهاب وملاحقة الإرهابيين.