تؤكد الإحصاءات أن ثمة فجوة كبيرة بين العالم العربي ودول العالم المتقدمة في مجال إنتاج الكتب والإقبال على القراءة بشكل عام، وهذا ما تؤكده منظمة «اليونسكو» التي تقول إن عدد الكتب التي يصدرها العالم العربي كله يصل سنوياً إلى نحو 1650 كتاباً في حين تنتج الولايات المتحدة الأميركية وحدها نحو 85 ألف كتاب سنوياً، وإن معدل قراءة الشخص العربي يصل إلى نحو ربع صفحة في السنة في مقابل 11 كتاباً للمواطن الأميركي وسبعة كتب للمواطن البريطاني. وهذا يضع مسؤولية كبرى على عاتق المؤسسات العلمية التي تقوم على تأليف وترجمة ونشر الكتب في العالم العربي، وفي مقدمتها مراكز الدراسات والبحوث، سواء في مدّ المكتبات العربية بالمزيد من الإصدارات العلمية، أو التشجيع على القراءة، أو دعم البحوث الرصينة في مواجهة انتشار الكتب الهامشية التي تتناول قضايا بعيدة عن الاحتياجات الحقيقية للتنمية في بلادنا العربية، بل وتسيء إليها. وفي هذا السياق يأتي دور مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في إثراء حركة التأليف والنشر العربيين، وهو دور أعطاه المركز أهمية خاصة منذ إنشائه عام 1994، ولذلك فقد احتفل في مطلع هذا العام بتخطي عدد إصداراته الألف إصدار، ما بين كتب وسلاسل علمية محكمة وإصدارات متنوعة، باللغتين العربية والإنجليزية، حظيت وتحظى بتقدير كبير من قبل الأوساط العلمية العربية والعالمية، وفاز بعضها بجوائز مهمة وينظر إليها على أنها مراجع علمية معتبرة بما تتميز به من اتباع المنهج العلمي الرصين وتحرّي الدقة والموضوعية. وعلى الرغم من الإنجاز الكبير الذي حققه مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في هذا الشأن، فإنه يؤمن بأن الطريق أمامه ما زال طويلاً، وأن مسؤوليته كبيرة، ولذلك يمضي بقوة في زيادة إصداراته باستمرار وتوسيع مجالات اهتمامها، بحيث تتفاعل بإيجابية مع قضايا العصر في دولة الإمارات والمنطقة والعالم وتحاول أن تجسر الفجوة في هذا المجال بين المنطقة العربية والعالم المتقدم، وفي هذا السياق، فقد أضاف المركز منذ بداية العام الجاري فقط ما يزيد على 100 عنوان جديد إلى قائمة كتبه وإصداراته الرصينة، غطت قضايا سياسية واقتصادية وعسكرية واستراتيجية وغيرها، تهم دولة الإمارات العربية المتحدة ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والمنطقة العربية والعالم، ومثلت إضافةً نوعيةً إلى المكتبة العربية والعالمية في مجالها. إن مواصلة «مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية» عطاءه الغزير على هذا النحو ليست إلا جزءاً يسيراً من مهامه العلمية والبحثية، فالمركز يضع على عاتقه أن يبقى على مدار السنوات مستودعاً للأفكار «Think Tank»، وأحد المراكز العلمية والفكرية الفاعلة في المجتمع الإماراتي والعربي والعالمي، وأحد الصروح العلمية المعينة لمتخذ القرار في تنفيذ «رؤية الإمارات 2021»، من أجل وضع دولة الإمارات العربية المتحدة في موقع يليق بها بين الأمم والمجتمعات الأكثر تقدماً في العالم، وأن تصبح من أفضل دول العالم في الذكرى الخمسين لإنشائها. وفي الذكرى العشرين لإنشاء مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية التي يعيش أجواءها منذ بداية العام الجاري 2014، فإنه لا ينظر إلى ما تحقق خلال السنوات الماضية، سواء في مجال إصدار الكتب أو البحث العلمي أو خدمة المجتمع، على أهميته وتميزه، وإنما يهتم بما سيحققه خلال السنوات القادمة في هذه المجالات. ـ ـ ــ ــ ـ ـ ـ ــ ـــ ــ ـ ـ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.