تلعب دولة الإمارات العربية المتحدة دوراً متميزاً في مكافحة الإرهاب بأشكاله وصوره كلها، ويتّصف هذا الدور بطبيعة شمولية جيواستراتيجية، إذ إنه يغطي جميع الأبعاد السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية وغيرها، وهذا ليس بغريب عن دولة تتبنى من خلال توجه حصيف لقيادتها الحكيمة منذ مرحلة التأسيس، البعد الإنساني في التنمية، وتركز في أهدافها التنموية كافة على صناعة الإنسان كأولوية أولى، حتى وصلت إلى مستوى جعلها دولة تفخر بسجلها الحيوي في التقدم الحضاري، وفي اعتماد ثقافة التعدد والتسامح والتعايش بين الثقافات. وفي ظل هذا التوجه الإنساني، لا يمكن إلا أن تحتل مثل هذه الدولة موقع الريادة في محاربة الإرهاب، من منطلق إيمانها بأن الإرهاب آفة تهدد أمن الإنسان وسلامته. ومن هنا، سارعت دولة الإمارات العربية المتحدة، وبخطى حثيثة إلى أن تكون من المبادرين إلى الحرب ضد الإرهاب الدولي، وقد تجسّد ذلك في مشاركتها في محاربة تنظيم «داعش»، الذي احتل أجزاءً واسعة من العراق وسوريا، وهذا التحرك لم يكن طارئاً على الإمارات، ذات المسيرة الوطنية الطويلة في هذا الاتجاه، التي تجسّدت في قيامها منذ زمن طويل بتبني عدد من السياسات والتشريعات الهادفة إلى محاربة مظاهر الإرهاب، لمنع أي ممارسات قد تقع تحت مظلة هذا التصنيف على المستوى المحلي، وتساعد على تفعيل دور الدولة في مكافحة هذه المظاهر الضارة على الساحة الدولية والممارسات التي قد تستفيد منها، كغسل الأموال والاتجار غير المشروع بالسلاح والمخدرات والاتجار بالبشر، وغيرها من الأعمال المحظورة والجرائم العابرة للحدود، وضمن هذا الإطار سخرت الإمارات إمكاناتها وخبراتها كافة لمنع استغلال أراضيها ومياهها الإقليمية وأجوائها في هذه الأعمال، وغيرها من الأعمال الإرهابية التي تجرّمها القوانين. ويأتي الدور الإماراتي في هذا الشأن متوافقاً مع جهود منظمة الأمم المتحدة والمنظمات والوكالات الدولية، التي ركزت منذ مدة طويلة على محاربة الإرهاب بأشكاله كافة، وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أنه من بين الإجراءات المهمة التي اتخذتها الدولة خلال الفترات الماضية من أجل تعقب مرتكبي الجرائم الإرهابية، أنها أنشأت «اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب»، التي تتولى متابعة تنفيذ قرارات «مجلس الأمن الدولي». كما تتبنى دولة الإمارات العربية المتحدة سياسات وقائية ضد العنف والإرهاب، تقوم على التصدي للتنظيمات الإرهابية في أنحاء العالم كافة، من خلال مقاومة أفكارها المتشددة والمنحرفة، واجتثاث هذه الأفكار بالطرق كافة، وإزالة الأسباب التي تدفع الأفراد إلى الانضمام إلى هذه التنظيمات، من أجل منع وجود حاضنات لمثل هذه التنظيمات، كما تؤمن الدولة بضرورة تجفيف منابع التمويل التي تستفيد منها جميع التنظيمات التي تنضوي تحت هذه التصنيفات، ناهيك بالطبع عن مشاركة الدولة في محاربة التنظيمات القائمة بالفعل بالطرق والوسائل كافة. في النهاية، من الأهمية بمكان تأكيد أن موقف دولة الإمارات العربية المتحدة هو موقف ثابت وملتزم بمحاربة الإرهاب، وقد حرصت الدولة على تأكيده مراراً في المنتديات الإقليمية والعالمية، ولعل موقفها الرسمي الذي عبّرت عنه مؤخراً في أثناء مشاركتها في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة التاسعة والستين، والذي عبّر عنه سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، يكرّس مدى اهتمامها وجديتها في المشاركة في الجهود الدولية في محاربة آفة الإرهاب، وهو موقف ثابت لا يحتمل أي تأويل، ويحتل موقعاً متقدماً في محاربة الإرهاب الدولي، من أجل الإسهام في تعزيز السلم والاستقرار والأمن الدولي. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية