ينطوي مشروع الميزانية العامة للاتحاد عن السنة المالية 2015، الذي اعتمده مجلس الوزراء، مؤخراً، بتكلفة تقديرية بلغت 49 ملياراً و100 مليون درهم، على العديد من المؤشرات المهمة، سواء فيما يتعلق بمعانيها الاقتصادية أو أبعادها الاجتماعية. وأول هذه المؤشرات، هو الإقرار المبكر لمشروع الميزانية من قبل الحكومة، وهذا يعكس قوة الاقتصاد الإماراتي ووضوح الرؤية الاقتصادية الحالية والمستقبلية أمام القيادة الرشيدة، والاستعداد المستمر للحكومة لتنفيذ برامجها وخططها للحاضر والمستقبل، إضافة إلى ثقتها بنفسها وقدراتها وسلامة النهج الذي تسير عليه. والمؤشر الثاني، هو البعد الاجتماعي العميق في الميزانية والذي يعبّر عن نفسه في تخصيص 24 مليار درهم لمشاريع التنمية الاجتماعية والمنافع الاجتماعية، والذي تبلغ نسبته 49% من إجمالي الميزانية، وهو ما ينسجم مع اهتمام القيادة الرشيدة برئاسة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بالإنسان الإماراتي في مسكنه وتعليمه وصحته وكل ما يتعلق بتحسين نوعية حياته، تعزيزاً لواقع السعادة والرضا الذي يعيشه الإماراتيون وتشهد به المؤسسات الدولية المعنية، وفي مقدمتها «منظمة الأمم المتحدة»، سواء من خلال المسح الأول والثاني للسعادة في العالم عامي 2012 و2013 اللذين قامت بهما، أو تقرير التنمية البشرية العالمي، الذي يعده البرنامج الإنمائي التابع لها، والذي يضع الإمارات دائماً في فئة التنمية البشرية «المرتفعة جداً». وقد أشار إلى ذلك بوضوح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي بقوله: «إن الاستثمار في المواطن وتلبية حاجاته هو حجر الزاوية في سياسة الحكومة». المؤشر الثالث، هو أن مشروع الميزانية الاتحادية لعام 2015 جاء بزيادة قدرها 2,9 مليار درهم عن ميزانية عام 2014 بما نسبته 6,3%، ومن دون عجز للعام الثالث على التوالي، وللمرة التاسعة في الألفية الجديدة، وهذا مؤشر قوي إلى قوة الاقتصاد والآفاق الإيجابية التي تنتظره، وهو ما عبّر عنه صندوق النقد الدولي مؤخراً في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، بتوقعه ارتفاع معدل نمو اقتصاد الإمارات إلى 4,5% خلال عام 2015 مقارنة بنحو 4,3% في العام الجاري 2014. والمؤشر الرابع المهم في مشروع الميزانية الاتحادية لعام 2015، هو أنه خصص ملياراً و800 مليون درهم لقطاع البنية التحتية والاقتصادية، وهذا يؤكد الاهتمام الكبير بتعزيز التنمية المستدامة، والحرص على توفير بنية تحتية قوية وقادرة على استيعاب الطموحات التنموية لدولة الإمارات العربية المتحدة وما ينتظرها من فعاليات اقتصادية دولية كبرى، في مقدمتها «إكسبو 2020» في دبي. وثمة مؤشر خامس مهم، هو تخصيص 20 مليار درهم للشؤون الحكومية، وهو ما ينسجم مع المشروعات الحكومية الكبرى، خاصة فيما يتعلق بتقديم الخدمات إلى الجمهور، وفي مقدمتها مشروع التحول إلى حكومة ذكية بما ينطوي عليه من أبعاد خدمية واقتصادية مهمة تعود بالنفع على مجمل الاقتصاد الوطني وتعزز جاذبية الإمارات للاستثمارات الخارجية. بشكل عام فإن مشروع الميزانية الاتحادية لعام 2015، إنما يعكس متانة الاقتصاد الإماراتي من ناحية، ووضوح الرؤية التنموية من ناحية أخرى، إضافة إلى الموقع المحوري للمواطن في الفكر التنموي لقيادتنا الرشيدة. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية