قبل ثلاث سنوات، وفي العشرين من أكتوبر، قتل معمر القذافي. وبينما قال الثوار إنه قتل في تبادل لإطلاق النار، هناك دلائل تشير إلى حدوث شيء آخر. فقد أظهرت بعض مقاطع الفيديو القذافي وهو في حالة من الفزع، مخضب بالدماء ويحيط به بعض المتمردين أثناء الزج به داخل شاحنة. ولم يتمكن التحقيق الذي أجرته منظمة «هيومان رايتس ووتش» من الوصول إلى نتيجة فيما يتعلق بظروف مقتل القذافي، لكنه أشار إلى أنه ربما يكون قد تم إعدامه. لقد كانت نهاية محزنة ومروعة، لكن الكثيرين زعموا أن هذا ما كان يستحقه القذافي. لقد ظل يرأس ليبيا الغنية بالنفط كحاكم مستبد قرابة 42 عاماً، فسحق المعارضة بوحشية إلى جانب قيامه بتمويل الإرهاب الدولي. وهاجم القذافي ثورات «الربيع العربي» التي اجتاحت ليبيا، واصفاً أعداءه بأنهم «جرذان»، كما قتل وأصاب الآلاف من شعبه. لقد كان موت القذافي علامة، لكن بعد مرور ثلاث سنوات، لا يمكن وصفه بالأمر الجيد. ففي 20 أكتوبر 2014، نجد ليبيا في حالة من الفوضى غير مسبوقة، وتشهد قتالًا بين جماعات متصارعة، بينما اضطرت حكومة المنفى إلى عقد اجتماعاتها خارج العاصمة طرابلس. ونظراً لمثل هذا الوضع، فمن غير الوارد أن نتساءل: ماذا عساه أن يحدث لو لم يمت القذافي؟ لقد أثارت الصحفية الأيرلندية المقيمة في ليبيا «ماري فليتزجيرالد» هذا السؤال على تويتر يوم الاثنين. وكتبت: «في مثل هذا اليوم قبل ثلاث سنوات مات القذافي بطريقة شنيعة. والعديد من الليبيين يقولون إنهم كانوا يفضلون رؤيته ماثلا أمام العدالة». إنه سؤال مهم، ليس فقط بالنسبة لليبيا، ولكن للمنطقة بأسرها. ومن جانبه، أشار «كريستوفر شيفيز»، المحلل السياسي البارز في مؤسسة «راند»، إلى أن مثل تلك النتيجة كانت ممكنة: بينما تدخلت قوات «الناتو» في ليبيا، لم يكن في نيتها قتل القذافي، وكانت هناك آمال بخروجه للعيش في المنفى. وقبل بضعة أشهر من مقتل القذافي، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمراً باعتقاله لمزاعم بارتكابه جرائم ضد الإنسانية، وهو قرار أشادت به جماعات مثل «هيومان رايتس ووتش» ومنظمة العفو الدولية. وحسب شيفيز، «فكل هذا في النهاية لا يهم. لقد قُتل القذافي على يد شعبه. وهذا ليس من المستغرب نظراً للطريقة التي كان يحكمهم بها». ولو كان القذافي قد مَثُل أمام المحكمة الجنائية الدولية أو غيرها، لكان أمام ليبيا فرصة لتحقيق السلام والمصالحة بعد نهاية نظامه الدموية. وكان بالإمكان أن يكون هذا بمثابة عملية بناء حيوية لدولة عاشت أكثر من أربعة عقود تحت حكم القذافي. ونظراً للانقسامات الغريبة التي تشهدها ليبيا اليوم، يتساءل البعض: هل كانت محاكمة القذافي ستسهم في توحيد قوى الحكم المتباينة في البلاد؟ لكن من الصعب القول على وجه اليقين إنه كان بالإمكان التوصل إلى نتائج أخرى مختلفة. وتشير «تمارا كوفمان ويتس»، مدير مركز سياسة الشرق الأوسط بمعهد بروكينجز، إلى المشاكل التي تعترض محاكمة «سيف الإسلام القذافي»، نجل الديكتاتور الراحل، حيث بدأت الحكومة الليبية المؤقتة محاكمته في وقت سابق من هذا العام، لكنها واجهت انتقادات دولية لكيفية تناولها للقضية. ويتضمن هذا مثلا فشل الحكومة في توفير التمثيل القانوني الكافي للمتهمين في هذه القضية. وفي نهاية الأمر، فإن الكثيرين يشعرون بأن الحكومات الغربية التي كانت تتوق لإخراج القذافي من ليبيا، فشلت في تحقيق الاستقرار بعد موته. ويتساءل شيفيز: «هل كانت ليبيا ستكون أفضل اليوم إذا كان القذافي على قيد الحياة؟» ثم يؤكد أن «القضية الحقيقية هي لماذا أهمل المجتمع الدولي إعادة إعمار ليبيا بعد الصراع؟». ------ آدم تايلور، كاتب أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"