يتجه تفشي وباء إيبولا نحو مرحلة جديدة تتطلب، في نواح عديدة، مزيداً من الاهتمام والعمل أكثر مما كانت عليه حتى هذه النقطة. وبالإضافة إلى المخاوف من وصول هذا الفيروس الذي لا يرحم وانتشار فزع عالمي لا أساس له من الصحة، فهناك هاجس آخر أضيف إلى القائمة: إعلان أن "المهمة قد تم إنجازها" في القريب العاجل. ويظهر معدل الإصابة بحالات جديدة من المرض علامات مشجعة لتباطؤ الانتشار في بعض المناطق الأكثر تضرراً في ليبيريا وغينيا وسيراليون – وهذه أنباء طيبة. فالاستراتيجية الدولية الشاملة لمهاجمة فيروس إيبولا من خلال عمليات الدفن الآمنة ومرافق العلاج وتعبئة المجتمع قد بدأت تؤتي ثمارها. ومع أن عدد حالات الإصابة تنخفض في مناطق، إلا أنها ترتفع في مناطق أخرى. وبعض من أسوأ المناطق تضرراً أصبحت الآن شبه خالية من وباء إيبولا، بينما تشهد مناطق مجاورة ارتفاعاً في الأعداد بشكل حاد. وقد تفرغ الأسِّرة من المرضى في أحد مرافق العلاج، بينما تمتلئ مراكز العلاج بفيض من الحالات في مناطق أخرى. وهناك أشخاص يموتون كل يوم، وتستمر الإصابات الجديدة، ولا يستطيع أحد تأكيد ما الذي ستحمله الأسابيع القادمة لنا. وقد أثبت لنا التاريخ الحديث أن عدد الحالات يرتفع ثم ينخفض ثم يعود ويرتفع مرة أخرى. وهذا هو النمط المألوف لهذه الاندلاعات. وفي الوقت نفسه، نحن ندرك أن مجرد حالة واحدة يمكنها أن تشعل وباءً، ويمكن للثغرة الموجودة في أي مكان في الاستجابة للوباء أن تترك مساحة للفيروس لينتشر، ويقتل الناس، ويدمر عائلات، ويهدد العالم. وأكثر الوسائل فعالية لتحييد تهديد إيبولا هو القضاء على تفشي المرض في مصدره، وتتضافر جهود الأمم المتحدة مع العديد من الشركاء لدعم الدول المتضررة. وتعمل بعثة الأمم المتحدة للاستجابة الطارئة لإيبولا– وهي أول بعثة صحية طارئة من هذا القبيل - على تعبئة الجهود على الخطوط الأمامية. والهدف على المدى القصير واضح: العزل السريع وعلاج 70 في المائة من الحالات الجديدة، وضمان أن 70 في المائة على الأقل من حالات الدفن تمت بصورة آمنة. إن استراتيجية 70-70 هذه هي الوسيلة الوحيدة لكسر المنحنى التصاعدي للعدوى. أما الهدف على المدى الطويل، فيتمثل في وصول عدد الحالات إلى صفر في جميع البلدان. والوصول إلى هذا الهدف يتطلب عملاً شاقاً ومستداماً، وتوفير الموارد والالتزام بمعالجة الأسباب الكامنة وراء ظهور هذا الوباء وأبرزها تعزيز النظم الصحية. إننا نمضي على المسار الصحيح. فالمجتمعات والحكومات في المنطقة تكافح الفيروس. كما قامت عشرات الدول بزيادة المساهمات المنقذة للحياة. وتتشارك الأمم المتحدة بشكل وثيق مع المنظمات الإقليمية مثل الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، الذي يحشد المتخصصين والمتطوعين في مجال الرعاية الصحية من جميع أنحاء القارة. بيد أنه لاتزال هناك ثغرات كبيرة في التمويل والمعدات، والأكثر إلحاحاً في العاملين في المجال الطبي. ليس هناك وقت لنضيعه. فما بدأ كحالة طارئة في الصحة العامة أصبح الآن أزمة معقدة ذات أبعاد اجتماعية واقتصادية وإنسانية وسياسية وأمنية عميقة. إن وباء إيبولا يؤثر على الأعمال التجارية والخدمات الأساسية، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتشويه سمعة أعداد متزايدة من الناس، ويبعد الأطفال عن المدارس ويمنع السيدات الحوامل وأولئك الذين يعانون من الملاريا وغيرها من الأمراض من الحصول على الرعاية الطبية، كما انخفضت دخول الأسر في دول بأكملها بنحو الثلث خلال ستة أشهر. وكل يوم نتأخر فيه عن تكثيف الاستجابة، يزيد بشكل كبير عدد الضحايا وتزداد تكلفة القضاء على انتشار الوباء، وتتفاقم الآثار الاقتصادية والاجتماعية، ومخاطر انتشار المرض في دول أخرى. وبالإمكان هزيمة وباء إيبولا من خلال جهد حازم ومنسق. ولدينا أدلة أولية لإثبات أن هذا يمكن أن يحدث، لكنه يتعين علينا تسريع الجهود الرامية إلى السيطرة على الأزمة، ومن ثم العمل على القضاء عليها. والآن ليس هناك وقت للاسترخاء، ينبغي أن نواصل القتال بكل ما أوتينا من قوة، حتى نتمكن من القضاء نهائياً على وباء إيبولا. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»