يعبّر إعلان دولة الإمارات العربية المتحدة عزمها إطلاق «مبادرة سياسية لتشكيل مجموعة اتصال دولية لمكافحة التطرف» عن موقفها الثابت تجاه قضايا الحرب على الإرهاب ورفض العنف والتطرف بأشكاله كافة. وهو موقف راسخ أكده معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، في البيان الذي ألقاه ضمن المناقشة العامة المفتوحة التي عقدها مجلس الأمن الدولي، مؤخراً، حول مسألة «الحفاظ على السلم والأمن الدوليين»، والمبادرة الإماراتية التي أشار إليها معاليه تكتسب أهمية كبيرة نظراً إلى المرحلة الدقيقة التي يمر بها العالم الآن، في وقت أصبحت الجماعات المتطرفة تعيث في الأرض ذبحاً وحرقاً للأبرياء، وتدميراً للبنى الحضارية وتشويهاً لمبادئ ديننا الإسلامي الحنيف، ولاسيما أن المبادرة المذكورة تهدف إلى «تعزيز الحوار والتعاون الدولي الاستراتيجي الفاعل، وتطوير ونشر أفضل الحلول والممارسات الناجحة في مجال مكافحة التطرف، من أجل اتخاذ التدابير المشتركة اللازمة لمنع هذا النوع من التهديدات الخطيرة والقضاء عليها، وفقاً لمبادئ العدالة والقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة». ولقد جاءت هذه المبادرة لتبين للعالم أجمع أن فداحة الأعمال الإجرامية التي ترتكبها الجماعات المتطرفة، مثل تنظيم «داعش»، تستوجب التنسيق العالمي المحكم وتكثيف الجهود الدولية على الصُّعد العسكرية والاستخباراتية كافة، بل والأهم على الصعد الثقافية والدينية، حتى يتسنى للعالم اجتثاث الأفكار المنحرفة التي تبرر بها هذه المجموعات الضالة أعمالها الوحشية وتصرفاتها البشعة، والحفاظ على السلم والأمن الدوليين. ومن أجل تفعيل آليات العمل الدولي في مواجهة التطرف، تطرق بيان الدكتور أنور قرقاش أمام مجلس الأمن إلى ثلاث نقاط حث المجتمع الدولي على أخذها في الاعتبار والتركيز عليها خلال المرحلة المقبلة نظراً إلى أهميتها، وهي: أولاً، تعزيز التشاور والتنسيق بين مجلس الأمن والدول المعنية، حول المسائل المطروحة على جدول الأعمال، بغض النظر عن مدى تعقيد وسرعة تطور الأحداث. ثانياً، ضرورة قيام مجلس الأمن الدولي بدعم المنظمات الإقليمية في حل المنازعات الناشبة، وتشجيع اللجوء إلى الحلول السلمية للنزاعات الداخلية من خلال المنظمات الإقليمية تفادياً للانعكاسات والتداعيات السلبية الخطيرة التي قد تسببها تلك النزاعات لدول الجوار في حال استمرارها. ثالثاً، أن التكلفة البشرية الناجمة عن إطالة المداولات وعدم التحرك الدولي العاجل لحل النزاعات هي قضية مهمة يجب على المجتمع الدولي أخذها في الاعتبار، وخصوصاً أنها توفر بيئة خصبة لظهور الحركات المتطرفة ونموها. ثلاثة أمور إيجابية تجب الإشارة إليها في ثنايا المبادرة الإماراتية، الأمر الأول منها، أن تأكيد المبادرة الجديدة على ضرورة التحرك الدولي بسرعة في مواجهة التطرف، يؤكد وعي الإمارات التام بخطورة ممارسات الجماعات والتنظيمات المتطرفة وسرعة انتشارها، والتي لم يعد بالإمكان تأجيل التحرك لمواجهتها. الأمر الثاني، اهتمام المبادرة باستخدام الوسائل الثقافية والدينية في مواجهة التطرف، وعدم التركيز على الأدوات العسكرية والأمنية فقط، يدل على فهم الإمارات الجيد لحقيقة التحدي، ولاسيما أن التنظيمات المتطرفة تستخدم الوسائل الثقافية والدينية أيضاً في استقطاب أعضائها الجدد والترويج لأفكارها. الأمر الثالث، أن تأكيد المبادرة ضرورة التنسيق الدولي والحوار بين الدول والمنظمات الدولية والإقليمية في مواجهة التطرف، يعبر بدوره عن إدراك الإمارات بأن أخطار الإرهاب والتنظيمات المتطرفة لم تعد قاصرة على دولة أو منطقة دون غيرها، بل هي قادرة على الوصول إلى أي دولة أو منطقة في العالم أجمع، وبالتالي فإن مواجهتها والتصدي لها هي مسؤولية جماعية. عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية