بعد الانتقادات التي وجهها رئيس شركة طيران «لوفتهانزا» الألمانية العام الماضي لشركات الطيران الخليجية، والتي تراجع عنها لاحقاً، ودعا إلى التعاون بعد أن تبين له عدم صحة ما ذهب إليه من ادعاءات حول حجم الدعم الذي تتلقاه الشركات الخليجية، جاء الهجوم الحاد هذه المرة من الأميركي مدير شركة «دلتا» للطيران «ريتشارد أندرسون»، الذي لم يجد ما يوجهه ضد الشركات الخليجية سوى الربط بصورة مضحكة وهزيلة بين هذه الشركات واعتداءات 11 سبتمبر، مما واجه عدم تصديق حتى من الأميركيين أنفسهم. المسألة الأساسية لا تكمن في الدعم الحكومي، أو الربط مع أحداث معينة، وإنما ترتبط ارتباطاً وثيقاً مع مستجدات العولمة، وانفتاح الأسواق والمنافسة، تلك المبادئ التي أول من تبنتها ودافعت عنها الولايات المتحدة، علماً بأنها أحد أهم أسس الاقتصاد الحر ومؤسسه آدم سميث، عندما قال جملته الشهيرة، والتي أضحت مبدأ من مبادئ الاقتصاد الحر «دعه يعمل.. دعه يمر» في إشارة إلى حرية حركة رؤوس الأموال وانتقالها بين بلدان العالم دون حواجز أو حدود. شركات الطيران الخليجية، وبالأخص شركتي «الإمارات» و«الاتحاد»، حققت خلال السنوات الماضية إنجازات رائعة، وكسبت أسواقاً عديدة حول العالم، كما أنها تعتبر الأسرع نمواً، والأكثر طلباً بفضل أسعارها التنافسية وخدماتها الراقية والمميزة، في الوقت الذي أصاب الترهل شركات عالمية أخرى، بما فيها شركة «أندرسون» بسبب سوء الإدارة، وضعف القدرة على التطوير والابتكار. من هنا جاء الرد من شركات الطيران الخليجية التي فهمت بصورة صحيحة لب المشكلة، إذ جاء رد سمو/ الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم الرئيس الأعلى لطيران الإمارات معبراً عندما قال، إن على شركات الطيران الأميركية، بما فيها «دلتا» أن تعمد إلى تطوير أعمالها وخدماتها لترتقي الى منافسة الشركات الأخرى، بدلاً من كيل الاتهامات، نعم هذا هو الطريق الصحيح للارتقاء بصناعة النقل الجوي الدولية وتقديم أفضل الخدمات للمسافرين. هناك تطور مهم لم يتمكن «أندرسون» من استيعابه حتى الآن، وهو أن بعض شركات الطيران حالها حال الكثير من المؤسسات اكتسبت طابعاً عالمياً، بما فيها الشركات الإماراتية، كـ«الاتحاد» و«طيران الإمارات»، فالأخيرة رغم أنها مسجلة في دبي، إلا أن هناك الكثير من بلدان العالم التي تستفيد من أنشطتها وترحب بها، كما أن هناك ما يقارب 100 جنسية، بما فيها الجنسيات الأوروبية والأميركية تعمل في هذه الشركة المعولمة، والتي تساير التطورات وفق مبادئ التنافسية وحرية الأسواق، حيث بلغ الإنفاق على الكوادر البشرية، بما فيها الأجنبية 60 مليار درهم ( 16.3 مليار دولار) خلال السنوات العشر الماضية أنفقت على 70 ألف موظف، بما فيهم عاملون من الولايات المتحدة الأميركية، والذين هم يستغربون الآن، بالتأكيد، التصريحات غير المسؤولة لمدير شركة «دلتا». وفي إشارة إلى مدى الأهمية التي أضحت تحتلها الشركات الطيران الإماراتية، فقد جاءت طيران «الإمارات» و«الاتحاد» ضمن أول 100 شركة عالمية جذباً للموظفين إلى جانب «جوجل» و«آبل» و«مايكروسوفت» و«نستله» و«توتال» الفرنسية، ما يعني أن هذه الشركات تكسب رهان المنافسة، ما يتوجب على مدير شركة «دلتا» الاستماع الى نصيحة سمو/ الشيخ أحمد بن سعيد، وأن يعمد الى تطوير خدمات شركته ورفع قدراتها التنافسية، بدلاً من كيل الاتهامات جزافاً ودون سند منطقي.