يبدو أن الاحتفال بيوم المرأة العالمي لهذا العام لم يكن بالمستوى المطلوب، فالفعاليات العالمية التي ظهرت في 8 مارس الجاري اقتصرت على أنشطة مقتضبة، ولم تتطرق لاهتمامات المرأة وتفصيل همومها ومتاعبها. فلن يشعر بالمرأة إلا المرأة بكل مستوياتها وأمومتها وكثرة همومها. فالمرأة هي ذاك المخلوق الجميل والمفعم بالكثير من التفاصيل، التي لا يدركها إلا من دخل عالمها وتعرف على حكاياتها التي لا تُنسى. لا يهم المرأة احتفال سنوي، لكن المهم أنها تدرك أكثر تجاهلها وتجاهل أدوارها البطولية، وعدم الاهتمام بإنجازات لا يمكن أن يقوم بها غيرها. اليوم العالمي للمرأة هو فعلياً «مؤامرة» لوأد ذاكرة المرأة وجعلها تحتفل يوماً واحداً فقط في طول سنة بأكملها. فلولا المرأة لما قامت دول ولا سكنت حروب، ولا كتب تاريخ. فالرجل يمضي في إشعال الحرائق، لكن المرأة تحولت إلى غيث يسكنها ويحمي الجميع من آثار هذه الحرائق، فاليوم العالمي لا يسلبها مكانتها فقط، بل يسرق منها وجودها وحضورها وفعلها الذي تعدى دورها كأم وراعية لأسرتها.. مهم جداً أن نهتم بالمرأة، فهي صمام الأمان الذي يحقق لأي مجتمع غاياته، هي محور خطير في حال تهاون المجتمع في صدق التعامل معه، هي أساس لنجاح المستقبل، فبيدها تربت أجيال يمكنها أن تسعى دوماً إلى أن تكون فاعلة في صياغة نجاحات لأبنائها وأبناء غيرها. فلا أجمل من المرأة ولا أبهى منها أماً أو ابنة، ولا أصعب من حكرها في يوم يدعي حُسن معاملتها، وهو في الحقيقة يُذكّر الجميع بأن المرأة منسية لأجل غير مسمى. فالفتاة التي تنشأ تحت رعاية ومظلة آمنة قادرة في المستقبل على تنشئة أسرة ناجحة، وتستطيع المبادرة والنجاح في القادم من الأيام، أما اضطهاد الفتاة فيحولها إلى مخلوق مشوه مُعطل غير قادر على العناية بذاته أو بغيره. الحياة صعبة جداً خاصة بالنسبة لامرأة تقوم بعشرات الأدوار في ذات الوقت، ولا يمكن بأي حال أن تتحول الحياة إلى نعيم إذا لم يقرر المجتمع أن يعطي للمرأة حجمها، ويقدر أدوارها البطولية التي تقوم بها دون كلل أو شكوي. علينا أن نتحفظ على ما يتم إطلاقه في «يوم المرأة العالمي» من شعارات، ونصدق فقط بأن المرأة ينبغي الاحتفال بها في كل الأيام وفي كل الدنيا، وإنها تستحق الأفضل دائماً، وأنه قد آن الأوان لتقدير جهودها، وتحويل التقدير إلى قانون يحميها ويمنحها أماناً حقيقياً.