انضمت كريستين لا جارد مدير صندوق النقد الدولي في نيودلهي مؤخراً إلى جوقة الأصوات التي تضغط على الحكومة الهندية، لإجراء إصلاحات طموحة خاصة بالأرض وأسواق العمل. لكن رئيس الوزراء ناريندرا مودي لم يقدم حتى الآن على هذه الإجراءات الجريئة لأنه يعتقد إما أنها غير ضرورية لإنعاش النمو أو أنها مستحيلة سياسياً. لكن هناك مجالاً واحداً يتعين على الحكومة أن تفكر فيه بجرأة أكبر إذا أرادت أن تثمر أي من جهودها، وهو القطاع المصرفي الهندي العليل. ظاهرياً، لا تبدو البنوك الهندية سيئة للغاية. فمعدل القروض المتأخرة في السداد منخفض عند أربعة في المئة، وهو نفس المستوى تقريباً في فرنسا. لكن النظام المصرفي يهيمن عليه بنوك مملوكة للدولة مسؤولة عن 70 في المئة من كل الديون واجبة السداد. ولحسن الحظ فإن هذه الديون مدعومة بضمان سيادي. وعلى خلاف أوروبا، ليس هدف الهند تجنب أزمة مصرفية، بل تحقيق نمو يزيد على عشرة في المئة. ولتحقيق هذا تحتاج البنوك إلى الشعور بالثقة لتقرض، ومن الواضح أنها تفتقر إليها. وأشارت بيانات صادرة عن البنك المركزي إلى أن أرباح البنوك في مارس 2014، وصلت لأدنى مستوى منذ عام 2007. وفي 12 شهراً التي تلت ذلك، زاد عدد القروض السيئة في أكبر البنوك التي تملكها الدولة باستثناء «ستيت بنك أوف إنديا». وإذا حسب المرء القروض التي أعيدت هيكلتها بالفعل -فبدون قانون جديد للإفلاس لن تسدد عادة القروض التي تعاد هيكلتها – نجد أن القروض المتأخرة في السداد ترتفع إلى أكثر من عشرة في المئة، وهي نسبة تقترب من نظيرتها في البرتغال وإسبانيا. وفي المدى المتوسط، فإن الطريقة الوحيدة لاستعادة عافية البنوك هي ضخ قدر كبير من رأس المال. وبحسب تقدير البنك المركزي، تحتاج بنوك الهند المملوكة للحكومة إلى ما لا يقل عن 38 مليار دولار للوفاء بمعايير اتفاقية بازل الثالثة لملاءمة رأس المال. وهذا المال ليس متوافراً ببساطة لدى الحكومة، مع الأخذ في الاعتبار الحاجة للإنفاق على البنية التحتية مع تقليص العجز المالي في الموازنة بشدة في السنوات الثلاث المقبلة. وإذا أرادت الحكومة توفير رأس المال اللازم فلابد من بيع أو تقلص حصصها في البنوك المملوكة للدولة. لكن حكومة مودي قاومت خفض حصصها إلى ما دون 52 في المئة في أي بنك. وفي أفضل الأحوال، فمن الممكن أن يدر تقليص الحصص 14 مليار دولار من الأموال، وهو أقل بكثير من المطلوب لإعادة رسملة القطاع. وعاجلا أم آجلا سيتعين على الحكومة التفكير في قبول أن تكون لها حصص الأقلية في بنوك الدولة أو بيعها مباشرة إلى مستثمرين من القطاع الخاص. وهذا قد يولد المال المطلوب بشدة ويساعد في معالجة السبب الرئيسي للقروض السيئة، وهو التدخل السياسي والضغط الذي يؤدي إلى قرارات الإقراض السيئة. وفي أبرز مثال خلال الآونة الأخيرة على هذا التدخل، واصل كونسورتيوم مؤلف من 13 بنكاً خاصاً ومملوكاً للدولة يقوده «ستيت بنك أوف إنديا» إقراض المال لشركة طيران «كينجفيشر» لمدة ست سنوات، رغم أن الشركة لم تسجل أي أرباح. وينبغي أن تجعل مثل هذه الحالات عملية الخصخصة سهلة، لكن المقاومة لها مازالت قوية. وأذاعت الهند منذ الأزمة المالية العالمية أن النهج المحافظ لقطاعها المالي أفاد البلاد كثيراً. فهناك شكوك عميقة بشأن حوافز وممارسات المصرفيين في القطاع الخاص. والبنوك المملوكة للدولة بها اتحادات عمال قوية تقاوم الخصخصة بشدة. وهناك إجراءات أخرى تستطيع الحكومة اتخاذها لا تصل إلى حد الخصخصة، لكن قد تقلص التدخل السياسي. فينبغي أن تحصل مجالس الإدارة على استقلال أكبر. وبدلاً من أن تختار وزارة المالية الأعضاء بناءً على الانتماء السياسي، يمكن اختيارهم من هيئة مستقلة من الخبراء. وإذا أبرت الحكومة بتعهدها بسن قانون جديد للإفلاس، فسيضعف هذا نفوذ الشركات في ابتزاز البنوك لإعادة هيكلة الديون بشكل مستمر. وإنعاش النمو سيساعد في تخفيف الضغط على القطاع المصرفي بالطبع. لكن لا يحتمل حدوث هذا النمو قبل إصلاح البنوك. ويمكن الجدل بأن مودي حقق تقدماً ببطء على جبهات أخرى لكن ليس على هذه الجبهة. ديراج نايار: صحفي هندي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»