كان إعلان السيناتور الأميركي «تيد كروز» عن عزمه الترشح عن الجمهوريين في الانتخابات الرئاسية بمثابة أخبار عظيمة للديمقراطيين: فهو سيحاول دفع المرشحين الجمهوريين الآخرين تجاه اليمين بشأن الهجرة، ما يزيد من رعب الناخبين من أصل إسباني ويزيد من صعوبة فوز الجمهوريين بالانتخابات المزمع اجراؤها العام المقبل. ويعد «كروز»، الذي ولد في كندا من أب كوبي وأم أميركية، والسيناتور الجمهوري عن ولاية تكساس لفترة واحدة، من أكثر المنتقدين للإجراءات التنفيذية التي اتخذها الرئيس أوباما لتسوية الوضع القانوني لما يقرب من 5 ملايين مهاجر غير شرعي، معظمهم من اللاتينيين. وقد دعا «كروز» الكونجرس إلى وقف تمويل إجراءات أوباما لمنح وضع قانوني مؤقت للمهاجرين غير الشرعيين الذين يدفعون الضرائب ويلبون بقية الشروط الأخرى، كما أيد سلطات أكبر للشرطة المحلية لسؤال الأشخاص الذين يتم القبض عليهم في الشارع حول وضعهم كمهاجرين. ومن غير المستغرب أن استطلاعاً للرأي أجري مؤخراً حول توجهات اللاتينيين وجد أنه على رغم تراث «كروز» الإسباني، إلا أنه يحظى بتأييد ضئيل بين اللاتينيين. ووجد استطلاع آخر حول تأييد اللاتينيين للعديد من المرشحين الجمهوريين المحتملين، ومن بينهم «جيب بوش» و«ماركو روبيو» و«كريس كريستي» و«راند بول» و«كروز»، أن «كروز» و«بول» كانا الأقل قبولاً بين الناخبين اللاتينيين. وقال 24% فقط من الناخبين اللاتينيين إنهم يفكرون في التصويت لـ«كروز»، بينما ذكر 73% أنهم يفكرون في انتخابه، بحسب ما ذكر استطلاع توجهات اللاتينيين. وبالمقارنة، ذكر 32% أنهم سينظرون في التصويت لجيب بوش، حاكم فلوريدا السابق -المعروف باعتداله بشأن قضايا الهجرة- بينما ذكر 62% أنهم لا يفكرون في انتخابه. ووفقاً للحكمة التقليدية الشائعة بين النقاد السياسيين في واشنطن فإن «كروز»، وهو محبوب «حزب الشاي»، لديه فرصة ضئيلة للفوز في انتخابات الحزب الجمهوري التمهيدية، ناهيك عن الانتخابات العامة في 2016. ويُنظر إليه على نطاق واسع على أنه متحجر الفكر، ومتعصب للغاية ويفتقر إلى الخبرة لتولي منصب الرئاسة. بيد أن قرار «كروز» بأن يكون أول جمهوري يعلن عن ترشحه قد جذب كثيراً من اهتمام وسائل الإعلام، وربما يجبر المرشحين الجمهوريين الآخرين على التحرك تجاه اليمين حتى لا ينظر إليهم بين المحافظين المتشددين في الولايات الرئيسية على أنهم «متساهلون». وفي هذا السياق، ذكر لي «فرانك شاري»، رئيس مؤسسة «صوت أميركا» البحثية المؤيدة للهجرة، أن ترشيح كروز «سيدفع الحقل الجمهوري نحو اليمين بخصوص الهجرة، ما يرجح بصورة أكبر أن من سيبرز من الانتخابات التمهيدية لن يكون قابلاً للانتخاب في الانتخابات العامة». وأخيراً، ماذا عن الحجة القائلة إنه أياً كان الفائز في الانتخابات التمهيدية للجمهوريين فإنه يمكنه فيما بعد تغيير آرائه حول الهجرة في الانتخابات العامة، وأن أكثر الناخبين الجمهوريين سيتفهمون ذلك؟ يرى شاري «أن الأمر لن يتأتى بهذه الطريقة». واستطرد أن «تصريحات ميت رومني بشأن الهجرة خلال الانتخابات التمهيدية، عندما أشار إلى «الترحيل الذاتي» وقال إن قانون ولاية أريزونا يجب أن يكون نموذجاً لبقية البلاد». وقد احتفل بعض النشطاء الجمهوريين في وقت سابق من هذا الأسبوع بإعلان «كروز» أنه سيكون له حضور كبير في الانتخابات التمهيدية الجمهورية. وقال أحدهم على موقعه الإلكتروني «كل مرشح جمهوري سيتعين عليه التحرك بشكل كبير نحو اليمين، بدءاً من جيب بوش وسكوت ووكر، وعليهم تحديد موقفهم بشأن العفو عن الأجانب من المهاجرين غير الشرعيين». وأضاف «ينبغي عليهم التحرك نحو اليمين للرد على كروز، أو سيتركون من قبل القاعدة الشعبية من الناخبين المحافظين ممن سئموا من المرشحين الجمهوريين الذين هم مجرد رسل لمبادئ مجانية لنخبة واشنطن الممنوع الاقتراب منها». وفي رأيي الشخصي أن حملة «كروز» إذا حظيت بالقبول، فإن الجمهوريين سيجلبون لأنفسهم المتاعب مرة أخرى بسبب عدم الانتباه لتوجهات تصويت اللاتينيين. وهناك أغلبية كبيرة من الأميركيين من أصل إسباني تصوت عادة للديمقراطيين، ويوافق معظم منظمي الاستفتاءات على أن أي مرشح جمهوري للرئاسة سيحتاج إلى 40- 44% من أصوات اللاتينيين للفوز في الانتخابات العامة. وقد حصل آخر رئيس جمهوري، هو جورج دبليو بوش، على 44% من أصوات اللاتينيين في انتخابات 2004، ولذلك فقد فاز. وبالمقارنة، فإن ميت رومني، وهو من الوسط، الذي تبنى خطاباً مناهضاً للهجرة خلال الانتخابات التمهيدية للجمهوريين، هُزِم في النهاية. أما أوباما فقد فاز بما بين 71% إلى 27% من أصوات اللاتينيين في انتخابات 2012. ---------- كاتب أرجنتيني متخصص في شؤون أميركا اللاتينية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفيس»