تتبنى دولة الإمارات العربية المتحدة سياسة تنموية ذات مبادئ راسخة، تسعى إلى توفير الحياة الكريمة لكل إنسان يعيش على أرضها، وتحرص على صون كرامته، بمعزل عن انتمائه وعرقه وعقيدته. ومن أجل ذلك، فقد عملت منذ نشأتها على تطوير أطرها التشريعية لتذليل كل العقبات ومكافحة جميع الجرائم التي يمكن أن تعيق جهودها تلك. وتأتي في هذا الإطار جهودها الرائدة في مكافحة جرائم الاتجار بالبشر، لاسيما أنها تحتضن على أرضها أكثر من 200 جنسية، جاء أصحابها للعمل والعيش في الدولة، تماشياً مع النهضة العمرانية والتنموية الشاملة التي تشهدها. وهذا العدد الكبير من الجنسيات، زاد من عظم التحدي بالنسبة إليها، في ظل ما يعنيه من تنوع في الثقافات والأعراف والأعراق. وقد اختارت دولة الإمارات العربية المتحدة، السير على مسارين متوازيين في هذا الإطار: الأول، هو تبني سياسة وطنية ذات مبادئ تقوم على احترام الحقوق الأساسية للإنسان بشكل عام، بما يتماشى مع الهوية العربية والإسلامية للدولة، وبما يتوافق مع المواثيق والمعاهدات الدولية في الوقت ذاته. أما عن المسار الثاني، وهو مكافحة الاتجار بالبشر، فنجد أنه فضلا عن إصدار القوانين والتشريعات المضادة لهذه الجرائم، والتي من بينها القانون الاتحادي رقم 51 لسنة 2006، وقيامها بتأسيس «اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر»، تطبيقاً لذلك القانون، قد عملت على تنسيق الجهود السياسية والأمنية والمجتمعية لنشر الوعي بهذا النوع من الجرائم، من أجل بناء جبهة وطنية موحدة تقف بقوة في وجه هذه الجرائم الضارة بالمجتمع. وعلى هذا المسار أيضاً، تحرص الدولة بشكل مستمر على التحديث والتطوير والتعديل لقوانينها بشكل مستمر بما يتوافق مع القيم والمعتقدات والمفاهيم السمحة، متخذة من تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف نبراساً ومنارة. وأخيراً، فإن الإمارات تبذل جهداً حثيثاً لتقييم جهودها في هذا المجال بشكل دوري، بإصدار تقرير سنوي، تحت عنوان «التقرير السنوي الخاص بالاتجار بالبشر في دولة الإمارات»، يتضمن رصداً دقيقاً وصورة واضحة ومحددة لواقع وحالات الاتجار بالبشر التي يتم ضبطها، والملابسات المرتبطة بذلك. ويتم نشر التقرير وإتاحته للأوساط المحلية والإقليمية والعالمية، بما يحقق أهدافاً متزامنة عدة: أولها الوقوف على الصورة الحقيقية لواقع هذا المجال بها، بما يساعدها على اتخاذ القرار السليم بشأنها. ثانياً، زيادة وعي أفراد المجتمع بخطر هذه الجرائم وممارسات القائمين عليها وسبل محاربتها. ثالثاً، تصدير صورة حقيقية، بعيداً عن التقارير التي تصدر من مؤسسات وجهات دولية، قد تتأثر في بعض الأحيان بتوجهات ومصالح سياسية معينة. وقد كانت هذه السياسة طوال السنوات الماضية، بمنزلة الحصن الأول للدفاع عن حقوق الإنسان في دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل عام، ومن ضمنها حقه الأساسي في العيش الكريم واحترام إنسانيته وحريته وكرامته ومعتقداته. ويأتي القانون الاتحادي رقم 1 لسنة 2015، الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، مؤخراً، والذي يقضي بتعديل بعض أحكام القانون الاتحادي رقم 51 لسنة 2006 في شأن مكافحة جرائم الاتجار بالبشر، ليمثل دليلاً على جدية الجهود التي تبذلها الدولة في محاربة هذه الجرائم، ومضيها قدماً نحو المزيد من الإنجازات في هذا الشأن، فضلا عن أن هذا القانون الجديد، يعد مؤشراً ذا دلالة كبيرة على حرص المُشَرع الإماراتي على سد الثغرات القانونية التي يتم اكتشافها أولا بأول، والتي قد تقوض الجهود الوطنية في مكافحة هذه الجرائم. عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية