ليس بخافٍ على أحد مدى الأهمية الكبيرة التي توليها القيادة الرشيدة لضمان الأمن المائي لدولة الإمارات العربية المتحدة والحفاظ على الثروة المائية واستدامتها للأجيال القادمة، ولاسيما من خلال بناء رؤية استراتيجية وخطط مدروسة بعيدة النظر لهذا الهدف، فضلاً عن ضخ الاستثمارات المالية الكبيرة في المشاريع الاستراتيجية في هذا المجال. فأهمية المياه ومصادرها ومدى تلبيتها لحاجات الإنسان المختلفة، تبدو معروفة لكل المجتمعات، وبخاصة المجتمعات التي تفتقر بيئاتها الصحراوية إلى ثروة مائية كافية، وهو أمر شخّص أهميته صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، بإيجاز بليغ أواسط ديسمبر 2011، خلال مداخلة لسموه عقب محاضرة بمجلسه، حول المياه العذبة في العالم عندما قال: «إن المياه تشكل أهمية كبرى تفوق أهمية النفط بالنسبة للإمارات»، مبيناً سموه «أن المنطقة تواجه في الحقيقة مشكلة جدية ونحن منشغلون بها نظراً لأنها في غاية الأهمية»، مشيراً سموه إلى أنه «يمكن حالياً الحصول على الماء من خلال التحلية، ولكن بعد عقود سيختلف الوضع عما هو عليه الآن، فلا توجد في المنطقة أنهار، ولا توجد لدينا تقنية تساعدنا على تلبية احتياجات المنطقة من المياه العذبة لمواجهة الوضع»، مشدداً سموه على «ضرورة إجراء الدراسات والبحوث ووضع الخطط والاستراتيجيات والحلول الملائمة، التي من شأنها إيجاد السبل الكفيلة بتلبية احتياجات المستقبل وحفظ الموارد الطبيعية وصونها لأجيالنا القادمة». وعلى هذا الأساس، وتنفيذاً لخطط استراتيجية الأمن المائي، سارعت الدولة بضخ استثمارات كبيرة ومليارات الدراهم لتوفير مصادر المياه للمواطنين والمقيمين واستدامتها للأجيال القادمة، وذلك من خلال الشروع بإنشاء أحد أكبر المشاريع الاستراتيجية العالمية لتخزين المياه الجوفية في مدينة ليوا بالمنطقة الغربية، حيث يتضمن ثلاث مجموعات آبار رئيسية وأربع محطات لضخ المياه وخطوط أنابيب بطول 152 كيلومتراً قادرة على توصيل المياه الجوفية والمخزنة من «ليوا» إلى العاصمة أبوظبي ومختلف مدن الدولة المرتبطة بالشبكة، فضلاً عن بناء محطات التحلية وإنشاء البنى التحتية والأساسية لشبكات توزيع المياه. لقد أكد سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في المنطقة الغربية مؤخراً، الأهمية الكبيرة التي يمثلها هذا المشروع الاستراتيجي، كونه يترجم الرؤية الطموحة لحكومة أبوظبي المتمثلة في الرؤية الاقتصادية 2030 لإمارة أبوظبي، حيث ارتأت القيادة الرشيدة زيادة المخزون الاستراتيجي للمياه بشكل يمكّن الإمارة من احتلال المرتبة الأولى في المنطقة العربية من حيث توافر المخزون الاستراتيجي للمياه، كما يسهم هذا المشروع في زيادة ثقة المستثمرين بالقطاعات المختلفة في الإمارة، إضافة إلى كونه يعد أحد أهم البدائل لزيادة المخزون الاستراتيجي من المياه العذبة في إمارة أبوظبي بكميات تفي باحتياجات الاستهلاك المقننة في الظروف الطارئة. وفي الوقت الذي تؤكد فيه الحكومة دوماً ضرورة تحمل المجتمع بشرائحه كافة مسؤولياته الاجتماعية والاقتصادية ذات العلاقة بالأمن المائي لدولة الإمارات العربية المتحدة، فإن هناك حاجة إلى مزيد من الاهتمام بتعزيز الوعي المجتمعي بأهمية ترشيد استهلاك المياه، وضرورة أن تشارك الجهات المختلفة في هذا الأمر، بداية من المدرسة وتضمين المناهج الدراسية أهمية هذه القضية، مروراً بقيام وسائل الاتصال الإعلامية بمسؤولياتها تجاه هذه القضية، إضافة إلى ضرورة تطوير التشريعات والقوانين، التي سنتها الدولة في هذا الشأن، وبالشكل الذي يسهم في ضمان ترشيد الاستهلاك واستدامة هذه الثروة للأجيال القادمة. عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.