خلال العام المقبل، سيكون أمام الأمم المتحدة اختيار حاسم. ففي 31 ديسمبر 2016، ستنتهي ولاية الأمين العام «بان كي مون» الذي سيخلفه أمين عام جديد. غير أنه إذا كان انتخاب خلَف يحدث في نهاية العام الأخير من ولاية الأمين العام المنصرف في السابق، فإن النقاش أخذ يحتدم بشكل مبكر هذه المرة. ومنذ ولادة الأمم المتحدة في 1945، تعاقب ثمانية رجال من النرويج والسويد وبورما (ميانمار) والبيرو ومصر وغانا وكوريا الجنوبية على شغل هذا المنصب المهم. بيد أن الشخص المقبل الذي سيتولى هذا المنصب ينبغي أن يكون امرأة. يقول ميثاق الأمم المتحدة: «يتم تعيين الأمين العام من قبل الجمعية العامة بناء على توصية من مجلس الأمن». وتاريخياً، كان هذا يعني عملية من المشاورات السرية بين أعضاء المجلس، ولاسيما الأعضاء الخمسة الدائمين للمجلس -الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين. وقد أخذ موضوع اختيار خلفٍ لـ«بان كي مون» يثير تكهنات منذ أشهر، كما بدأت الحملة الانتخابية بشكل غير رسمي منذ بعض الوقت. ولابد من أن يحصل المرشح النهائي على أصوات مؤيدة من قبل تسعة من أعضاء مجلس الأمن الـ15، على ألا يكون ثمة أي اعتراض من أي من الأعضاء الدائمين الذين يتمتعون بحق «الفيتو». وبعد ذلك، يُقدَّم المرشح النهائي للجمعية العامة من أجل تثبيته في المنصب. وتاريخياً أيضاً، تقوم الجمعية العامة بتثبيت الأمناء العامين بالإجماع. ولكن في 1991 هددت مجموعة أفريقيا في الأمم المتحدة بأنها ستقوم بالدعوة إلى تصويت في الجمعية العامة إذا لم يتم تعيين مرشح أفريقي. وقد كانت المجموعة تتوافر على عدد كافٍ من الدول في معسكرها لهزيمة أي مرشح غير أفريقي، فاستجاب مجلس الأمن لطلبها. واليوم، يمكن ممارسة ضغط مماثل من أجل تشجيع المجلس على اختيار امرأة. والعملية تتم دائماً في سرية، إذ ليست ثمة أي شفافية، أو عملية بحث واضحة، أو توصيف وظيفي، أو قائمة مرشحين. ومثلما يعلم الجميع، فإنه لم يتم أبداً بحث إمكانية تعيين امرأة في هذا المنصب على نحو جدي. ومنذ تأسيسها قبل 70 عاماً، شكّلت جهود الأمم المتحدة لتأمين المساواة والفرص لكل النساء هدفاً مهماً، مثلما أظهر ذلك آلاف الأشخاص الذين قَدِموا من مختلف أنحاء العالم للمشاركة في مؤتمر لجنة وضع النساء في مقر الأمم المتحدة في نيويورك الشهر الماضي. والكثير من النساء والرجال يرون أن عملية الاختيار ينبغي أن تنفتح على النساء، حيث يتعين إطلاق عملية بحث حقيقية عن أفضل المرشحات لشغل هذا المنصب. لأن الذريعة التي مفادها أنه ليس ثمة عدد كافٍ من النساء المؤهلات لنختار من بينهن لم تعد صحيحة، إنْ هي كانت كذلك في يوم من الأيام. ذلك أن عدداً من الزعيمات المتميزات اكتسبن خبرة كبيرة كرئيسات ورئيسات وزراء ومستشارات ووزيرات خارجية ودبلوماسيات، والكثير منهن يمتلكن مؤهلات رفيعة لشغل هذا المنصب المليء بالتحديات: خبرة في العلاقات متعددة الجوانب، والتزام بالسلام والعدالة وحقوق الإنسان، وأهداف أساسية أخرى من أهداف الأمم المتحدة، والذكاء والفصاحة والمهارات التواصلية والإدارية. إن أمين عام الأمم المتحدة لا يمتلك جيشاً أو ميزانية، باستثناء ما تقرر الدول الأعضاء توفيره له، غير أن قوة الأمين العام تكمن في قدراته على الإقناع وعلى توفير بوصلة أخلاقية بالنسبة للعالم. ومما لاشك فيه أن اختيار امرأة لتولي منصب أمين عام الأمم المتحدة من شأنه أن يبعث برسالة قوية وملهمة في هذا الظرف الدقيق، لأن النساء يشكّلن نصف سكان العالم، وقد آن الأوان لكي تختار دول العالم امرأة لشغل هذا المنصب الدولي المهم. ------ جيليان سورنسن، مساعدة سابقة لأمين عام الأمم المتحدة جين كراسنو، محاضرة بكلية سيتي كوليدج في نيويورك ------ ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»