ينسجم تعاون دولة الإمارات العربية المتحدة مع المؤسسات الدينية المعتدلة حول العالم مع توجهاتها الساعية لتبنّي الفهم الصحيح لتعاليم الشريعة الإسلامية السمحة، وسعيها لنشر ثقافة التسامح والوسطية النابعة من تعاليم الدين الحنيف، ومحاربة الأفكار الهدامة والمشوّهة للإسلام والجماعات المروجة لها. وفي هذا الإطار يأتي دعم دولة الإمارات العربية المتحدة لدور «الأزهر الشريف» كمرجعية دينية على المستوى العالمي وكمؤسسة تعكس صورة الإسلام الوسطي، من أجل تعزيز قيم التسامح والوسطية ونشرهما والابتعاد عن الغلو والتطرف الدِّيني. وفي إطار الاستعداد للعام الدراسي الجديد 2015/2016 في دولة الإمارات العربية المتحدة، كشفت وزارة التربية والتعليم عن أنها تقوم بالتنسيق مع المسؤولين في «الأزهر الشريف» لكي تقوم هذه المؤسسة المعتدلة بمراجعة المناهج المقررة في مساق التربية الإسلامية في مختلف المراحل التعليمية في الدولة، لضمان توافق محتوى المناهج مع مقتضيات الشريعة الإسلامية السمحة والإسلام الوسطي المعتدل، بعيداً عن الغلو والتطرف. وهذه التحركات الإماراتية تأتي في ظل ما تشهده المنطقة والعالم من تصاعد خطر الإرهاب، جراء نجاح الجماعات الإرهابية في بث الأفكار المتشددة المغلوطة ونشر الغلو في الدِّين، ولاسيما بين فئات الشباب ومحدودي الثقافة الدينية، واستقطابهم نحو تبنّي العنف والطائفية وكراهية الآخر منهج حياة، الأمر الذي يسيئ إلى الإسلام ويرسم صورة مجحفة له لا تمت بصلة لقيمه النبيلة وتعاليمه السمحة من ناحية، ويهدد الأمن والاستقرار والسلم في المجتمعات من ناحية أخرى. إن التنسيق بين وزارة التربية والتعليم و«الأزهر الشريف» في تطوير مناهج التربية الإسلامية في دولة الإمارات العربية المتحدة، يأتي تنفيذاً لاستراتيجية الوزارة الساعية إلى منع تسلل الفكر المتشدد التكفيري إلى المؤسسات التعليمية في الدولة، عبر صياغة منظومة وطنية لمحاربة التطرف والتشدد الديني، تعظم دور القطاع التعليمي في مواجهة الفكر المتطرف، وتضع آليات عمل لتحصين الشباب من الأفكار الهدامة، انطلاقاً من حقيقة الدور الرئيسي للمؤسسات التعليمية في تنشئة وتشكيل وعي الفرد منذ الصغر، وتوجهه إلى ما يحقق أمن البلاد واستقرارها، ويمنع تسلسل الأفكار المتطرفة إلى ثقافته وسلوكياته. إن دولة الإمارات العربية المتحدة تتطلع إلى أن تعكس مناهج التربية الإسلامية الجديدة قيم التسامح في الثقافة الإسلامية والعربية، وتنبذ التطرف والطائفية وكراهية الآخر وممارسة العنف، فيما تبث روح التنوع الديني والتعايش السلمي مع الآخرين، وتسهم في إعداد أجيال واعية بمخاطر الفكر المتطرف، وقادرة على مواجهة الأفكار والسلوكيات الدخيلة على الثقافة الإسلامية، وتنمّي روح الانتماء والولاء للوطن، فضلاً عن مساهمتها في تحصين الطلاب ضد الأفكار المتطرفة، التي تبثها الجماعات المتطرفة، عبر تمكينهم من التمييز بين الضار والنافع من المعلومات في شبكة «الإنترنت» ووسائل التواصل الاجتماعي، تلك المواقع والوسائل التي تمثل المصدر الرئيسي، الذي تستقي منه الناشئة والشباب أفكارهم في العصر الحديث، وهو الأمر الذي تستغله تلك الجماعات عبر تشييد مواقع لها على «الإنترنت»، لا يمكن محاصرتها بإجراءات الأمن الإلكتروني فقط بالرغم من أهميتها. إن المنظومة التعليمية التي تتبنّاها دولة الإمارات العربية المتحدة تُعلي من قيمة الفكر التنويري، وأهميته في تحصين المجتمع كافة، عبر تنشئة الأطفال والشباب في المراحل التعليمية المختلفة على نبذ الأفكار المتطرفة وتسليحهم بالوعي الديني السليم ونشر ثقافة الوسطية والتسامح بينهم وتعزيز مشاعر الانتماء والولاء للوطن، ومن ثم تحقيق أمن المجتمع واستقراره، ودحر التنظيمات المتطرفة الإرهابية، وما تحمله من أجندة تخريبية، وردع كل مَنْ تسوّل له نفسه تهديد الأمن والاستقرار الاجتماعيين داخل الدولة أو خارجها. ـ ـ ــ ـ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.