أرجو ألا تشغل عالمنا العربي، وهو قلب العالم الإسلامي، أية أمور عن الطلب الذي تقدمت به المنظمات اليهودية المتطرفة إلى نتنياهو. لقد طلبت منه أن يبر بوعده لها أثناء حملته الانتخابية بإغلاق المسجد الأقصى في وجه المسلمين بعد عيد الفطر في يوم 26 يوليو الحالي مع قصر الدخول في هذا اليوم على اليهود وأيضاً طوال مدة الأسبوع السابق على يوم التاسع من أغسطس في ذكرى «خراب الهيكل اليهودي». إن هذا الطلب يمثل جوهر مشروع التقسيم الزمني للمسجد بين المسلمين واليهود، وهو مشروع سبق أن وافق عليه عدة وزراء في حكومة نتنياهو. إن هذا المشروع لم يعد قاصراً على المتطرفين من حاخامات المستوطنين، بل إن الحماس له سيطر على قيادات بارزة في حزب «الليكود»، الحاكم مثل موشيه فيجلين، وأيضاً في حزب «البيت اليهودي» بقيادة المتطرف نفتالىي بينت شريك «الليكود» والوزير في حكومة نتنياهو الحالية. إن هذا التقسيم الزمني لن يكون نهاية الأطماع الصهيونية ويتبين هذا عندما نعلم أن منظمات عدة وضعت لنفسها هدفاً هو هدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل اليهودي مكانه، رغم أن جميع الأبحاث الأثرية التي قام بها علماء آثار يهود لم تؤيد مزاعم وجود الهيكل في منطقة الحرم القدسي الشريف. إن شهر المنظمات التي تعمل في هذا الاتجاه هي منظمة «أمناء الهيكل»، والتي انضمت إلى مسعاها عدة منظمات أخرى، وفي هذا الإطار تم وضع تصميم هندسي لبناء الهيكل. لقد عبّرت هذه المنظمات عن رغبتها في الاستيلاء على الأقصى وحاولت اقتحامه مراراً وتكراراً في حماية الشرطة الإسرائيلية المتواطئة، غير أن مسلمي القدس الصامدين كانوا يصدون محاولات الإغارة على المسجد والاستيلاء عليه. لقد أوردت المذكرة التي قدمتها المنظمات إلى نتنياهو ذكر هؤلاء المسلمين المرابطين دفاعاً عن الأقصى في صورة سلبية عندما وصفتهم بـ«المسلمين المشاغبين»، لتبرر طلبها بمنع المسلمين من الدخول في الأوقات التي حددتها. من هنا يتبين لنا أن التقسيم الزمني هو حيلة لإقرار فكرة منع المسلمين من الصلاة في المسجد في أوقات معينة، إلى أن تتحول الفكرة إلى واقع مستقر أمام العالم فيسهل بعد ذلك طرح حيلة أخرى، أي طرح التقسيم المكاني لساحة الأقصى بين المسلمين واليهود، لتتلوها فكرة إقامة الهيكل في المكان المخصص لليهود، للتنتهي الأمور إلى تنفيذ المخطط الكامل بهدم المسجد وبناء الهيكل على أنقاضه. من الواضح أن منظمات بناء الهيكل ترى أن الموازين الحالية لا تسمح بأكثر من التقسيم الزماني للمسجد، لكن هذا لن يمنعها من العمل على تسريع الوصول لأوضاع تسمح بالخطوة التالية. إن انشغال عالمنا العربي في المرحلة الراهنة بمعركته مع الإرهاب من ناحية ومع التدخلات الإيرانية وما تثيره من نزعات ونزاعات طائفية من ناحية ثانية، لا يجب بأي حال أن تصرف أنظارنا عن خطورة مشروع التقسيم الزمني للمسجد الأقصى. ونعلم أن دولة الإمارات العربية المتحدة لديها مشروع قيد التنفيذ لدعم أهل القدس الصامدين، وقد يتسع هذا المشروع باشتراك جميع الدول الشقيقة، كما أن الدعم الميداني لأهل القدس ينبغي أيضاً أن يتوازى معه برنامج عمل سياسي على الصعيد الدولي لمنع مشروع التقسيم الزمني للأقصى.