أصدر الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة مرسوماً بقانون يعالج القضايا والظواهر المتعلقة بالتطرف الديني ويجرِّم القائمين بها وعليها، من الأوجه التالية: إدانة الخطابات والتصرفات التي تشير إلى ازدراء الأديان ومقدساتها. تجريم التمييز بين الأفراد والجماعات على أساس الدين أو العقيدة أو الملة أو المذهب. مكافحة استغلال الدين في تكفير الأفراد والجماعات. تجريم الخطابات التي تؤدي بشكل مباشر أو غير مباشر لاستحلال الدم أو القتل. تجريم التطاول على الذات الإلهية أو أحد الأنبياء أو زوجاتهم وصحابتهم. تجريم التعدي على أي من الكتب السماوية. وتجريم التخريب لدور العبادة أو المقابر. إن هذه الجرائم والارتكابات جميعاً ظهرت خلال العقدين الأخيرين وتفاقمت حتى تحولت إلى ظواهر لدى الأوروبيين أولا، ثم استشرتْ في المجتمعات الإسلامية. لقد ظهرت موضة ازدراء الإسلام أو النبي، عليه الصلاة والسلام، بحجة حرية التعبير. وكان القصد منها إهانة المسلمين في أوروبا والتضييق عليهم، بينما كانوا يتعرضون للقتل في البوسنة ثم في كوسوفو. وجاءت ردود الأفعال على تلك التصرفات إجراميةً وثأرية، وزادت من سوء صورة الإسلام والمسلمين بالغرب. لكنّ الأخطر هو الظواهر الثلاث الأُخرى التي شاعت في أوساطنا وقسمت مجتمعاتنا في السنوات الأخيرة بعد ظهور «القاعدة» و«داعش» وتصاعد التجاذبات باسم السنة والشيعة جراء الهجمة الإيرانية. إن ظاهرة التكفير، التي يترتب عليها استحلال الدم والقتل هي ظاهرةٌ انشقاقيةٌ ومفزعة. وهي تتناول المسلمين من أهل التيار الرئيسي في الإسلام، وتتناول الشيعة، وتتناول غير المسلمين من مسيحيين وطوائف أُخرى. لقد انتشرت هذه الظاهرة وتفاقمت وقامت على أساس منها حركات تطورت إلى محاولة إقامة دول على مبدأ الولاء والبراء داخل الإسلام وتجاه غير المسلمين. وظواهر الانشقاق والتضييق هذه اجتذبت وتجتذب بعض ضعاف الثقافة والتعليم من المسلمين. ورأينا كيف عمدت جماعات التكفير إلى قتل الناس باسم مكافحة الشرك والردة، وشجعت على نشر ذاك الخطاب وتلك الممارسات. إنّ من واجب الدول التي تأخذ مهامَّها مأخذ الجدّ، وتحرصُ على وحدة مجتمعاتها واستقرارها، أن تتصدى لهذه الظواهر من أجل حماية وحدة ديننا، وحماية الأنفس والأعراض والممتلكات التي أوصانا رسول الله، (صلى الله عليه وسلم) في خطبة الوداع بحمايتها. عندما ذكر الماوردي (450هـ) أنّ للدولة مهمتين: حراسة الدين، وسياسة الدنيا، عاد ففصّل معنى حراسة الدين بالقول إنها تعني «صون الدين على أصوله المستقرة». ونحن المسلمين لدينا أصولٌ وثوابت وأعراف في الاعتقاد والعبادة، وقد دأبنا على ذلك أحقاباً وقروناً. وليس لأحد كان أن يفرض علينا أو على الآخرين عقائد ابتدعها أو تخيلها، وتصرفات كراهية مضرة بالدين والمجتمع والدولة. ولذا فالقانون الصادر بدولة الإمارات رائد في حماية الوحدة والاعتدال والاستقرار وثوابت الدين. إن هذا القانون يصون الدين والحريات الدينية، ويمنع تقسيم الإسلام أو شرذمته تعنتاً أو تطرفاً أو إجراماً. كما يكافح الإساءة إلى العقائد والديانات الأُخرى، فيصون العيش الوطني، والعيش المشترك، ويحول دون تفاقم الانفصال عن العالم.