عندما علمت أننا توصلنا لاتفاق نووي مع إيران، كان أول من خطر ببالي هو زميلي الراحل «بيل باكلي». وقد تطوع «باكلي»، الذي كان ضابطا مخضرما ومساعداً في شؤون الشرق الأوسط، لتولي منصب رئيس محطة وكالة الاستخبارات المركزية في بيروت بعد أن أدى تفجير السفارة في بيروت في شهر أبريل 1983 إلى إنهاء عملية وكالة الاستخبارات هناك. وكنت في ذلك الوقت ضابطاً صغيراً بالخارجية الأميركية يحاول مجرد فهم المشهد السياسي المعقد في لبنان. ولكن مع تدمير مقر سفارتنا، تم حشدي، وكل من كان يتعامل مع مواد سرية، في طابق واحد من السفارة البريطانية. وقد تعارفنا مع بعضنا البعض بصورة جيدة، بغض النظر عن أقدمية انضمامنا للعمل بالوكالة. وفي 16 مارس، 1984، قامت جماعة تطلق على نفسها (الجهاد الإسلامي) بخطف «باكلي» خارج مقر إقامته. (كانت جماعة الجهاد الإسلامي مقدمة لحركة حزب الله الشيعية السياسية التي تدعمها إيران). وعلى الرغم من الجهود المكثفة والشجاعة التي تم بذلها لتحديد مكان «باكلي» وإطلاق سراحه، فإننا لم نره مرة أخرى إلا من خلال الفيديو، الذي أذاعه خاطفوه، والذي صور كم التعذيب الذي تعرض له. ويعتقد إنه قد توفي في شهر يونيو 1985، على الرغم من أن الخاطفين لم يعلنوا عن وفاته إلا في شهر أكتوبر. وقد تم دفنه بصورة رمزية في مقبرة «أرلينجتون» الوطنية عام 1988، وفقط في شهر ديسمبر 1991 تم استعادة رفاته، بالقرب من طريق مطار بيروت، بعد دعوة من شخص عرف نفسه بأنه متحدث باسم «الجهاد الإسلامي». ولا يسعني سوى أن ألقي باللوم على النظام الإيراني باعتباره السبب في مقتل «باكلي»، حيث إن يد إيران في نشأة حركة «الجهاد الإسلامي» و«حزب الله» لا جدال فيها. ويعتبر بصدق أن الممثلين الإيرانيين، قد شاركوا في عملية استجواب وتعذيب «باكلي». ولا ينبغي على المرء أن ينسى أن حركة «الجهاد الإسلامي» المدعومة من قبل إيران قد أعلنت مسؤوليتها عن حادثي تفجير السفارة الأميركية في بيروت عامي 1983 و1984، علاوة على تفجير ثكنات مشاة البحرية في شهر أكتوبر من عام 1983. ويمكن القول إن إيران قد تغيرت في السنوات الثلاثين الماضية. وقد منح الغرب الرئيس الإيراني «حسن روحاني» صفة «المعتدل» المبتغاة، وربما تكون آمال إدارة أوباما فيما يتعلق بدعم العناصر المعتدلة من خلال التعامل بشكل بناء، وليس بعدوانية، لها ما يبررها. إنني ما زلت أناضل مع مشاعري وأفترض وجهة نظر تحليلية وغير متحيزة. بيد أنه من الصعب بالنسبة لي رؤية نظام إيراني مختلف جوهريا وبشكل حاسم عن النظام الذي أعتبره مسؤولاً عن وفاة «بيل باكلي». ولا ينبغي أن نخدع أنفسنا من خلال التفكير بأن الجهود، التي بذلتها إيران من أجل مواجهة تنظيم «داعش» تعكس أي شيء سوى المصالح الجيوسياسية الإيرانية بشكل واضح. كما أن وكيل إيران، وهو «حزب الله»، آخذ في الازدهار باعتباره حكما في السياسة اللبنانية، وقد تعاونت إيران و«حزب الله» في دعم بقايا النظام البشع للرئيس بشار الأسد في سوريا. ويُقال إن إيران قد نشطت العلاقات مع حركة «حماس». ويعد مراسل صحيفة «واشنطن بوست» «جاسون ريزايان» هو أحدث حلقة في سلسلة من مواطني الولايات المتحدة، الذين عانوا من معاملة تعسفية على أيدي السلطات الإيرانية. إيريك تيرزولو موظف بالخارجية الأميركية من 1982 – 2003. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»