عندما كلف معهد جورج دبليو بوش،«إدوارد بريسكوت»الحاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد، بتحليل مقترحه الخاص بإمكانية تحقيق نسبة نمو مقدارها 4 في المئة للاقتصاد القومي، رد «بريسكوت» المعروف عنه تأييده لمبدأ حرية السوق، بأنه يعتقد أن نسبة نمو 3 في المئة هي الأفضل في المدى الطويل. وهذا الرأي لا يقتصر على «بريسكوت» وحده، وإنما يؤيده فيه معظم الاقتصاديين والمتخصصين في السياسات. كما أيدته أنا أيضاً في أكثر من مناسبة، وأؤيده الآن، خصوصاً بعد أن تبنى «جيب بوش» هدف تحقيق نمو بنسبة 4 في المئة. مع ذلك، إليكم هذا الرأي: 3 في المئة هي الأفضل- ليست صحيحة تماماً. فالحقيقة أن هناك طريقة يمكن من خلالها تحقيق نسبة نمو 4 في المئة للاقتصاد، أو ربما أعلى من ذلك، ولكن احتمال تبلورها في الواقع، ضئيل للغاية. هذه الطريقة تتمثل هي اتباع سياسة الحدود المفتوحة في مجال الهجرة. فالناتج المحلي الإجمالي هو ببساطة عبارة عن مجموع إنتاجية الأفراد أي إنتاجية الفرد الواحد مضروباً في العدد الإجمالي للسكان. وهذا هو السبب الذي يجعل دولة مثل الصين لا تزيد إنتاجية الفرد فيها عن ربع إنتاجية الفرد في الولايات المتحدة، تتحول إلى أكبر اقتصاد في العالم في الوقت الراهن. يعني هذا ببساطة، أنك إذا ما أردت زيادة نسبة النمو، فما عليك سوى أن تحصل على المزيد من السكان. وبالتالي إذا كانت الولايات المتحدة تريد أن ترفع نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي لديها، فما عليها سوى أن تقوم ببساطة بدعوة أعداد هائلة من المهاجرين، للانتقال إليها. وعندما أقول أعداد هائلة، فأنا لا أقصد المليون أو المليون ونصف من المهاجرين التي تقبلهم عادة في السنة الواحدة، وإنما أقصد مئات الملايين بما يؤدي في نهاية المطاف لتضاعف عدد سكانها الإجمالي، ثلاث مرات تقريباً. مضاعفة عدد سكان الولايات المتحدة ثلاث مرات، سوف يشحن النمو بطاقة هائلة تفوق أي شيء يمكن تخيله راهناً. صحيح أن معظم هؤلاء المهاجرين سيكونون فقراء، ومنخفضي المهارة، وهو ما يعني أن الإنتاجية مقدرة بالفرد، ومستوى المعيشة للأميركيين العاديين سينخفضا، إلا أن مستوى المعيشة لمئات الملايين من المهاجرين الذين انتقلوا إلى هنا سيرتفع كثيراً جداً، كما يحدث دائماً بالنسبة لمجتمعات المهاجرين. وسياسة الحدود المفتوحة تحظى بدعم كبير من نخبة الاقتصاديين التحريريين المخلصين لمبدأهم- وعلى وجه الخصوص «برايان كابلان» من جامعة ماسون- الذين يؤمنون بتخفيف قواعد الهجرة، ليس لأنهم يريدون زيادة الناتج المحلي الإجمالي، وإنما انسجاماً مع المبادئ التحررية التي يؤمنون بها، والتي تجعلهم ينظرون إلى سياسة الحدود المغلقة، على أنها تمثل تدخلا غير مقبول من قبل الدولة في الاقتصاد. المشكلة بالنسبة لسياسة الحدود المفتوحة، هي أنه ليس لديها فرصة -للتبلور على أرض الواقع، وهو مايرجع للمعارضة الشديدة التي تلقاها هذه الفكرة حالياً، وعلى وجه الخصوص، من قبل «الجمهوريين». يعني هذا بالتالي، أنه في وقت يحاول فيه مرشح رئاسي مثل «دونالد ترامب» حصد المزيد من التأييد من خلال طرح برنامج انتخابي يقوم على مناوئة الهجرة، فإن فرص نجاح اقتراح الحدود المفتوحة تكاد تكون معدومة. بالنسبة للأميركيين العاديين- غير التحرريين - هناك العديد من الأسباب التي قد تدعو للتخوف من سياسة الحدود المفتوحة، منها أن تدفق طوفان من المهاجرين الفقراء سوف يؤدي لاجتياح نظام الخدمات الاجتماعية، كما سيؤدي لحالة من الفوضى في نظام التأمين الصحي، والمواصلات والإسكان، كما أن مستويات الأجور للأميركيين منخفضي المهارة ستتأثر بشدة في المدى الطويل مما يضاعف من عدم المساواة، وهو ما يعني باختصار أن المطلب الخاص بفتح أبواب الهجرة على مصاريعها هو مطلب مبالغ فيه. وينبغي القول أيضاً بأن أعداد المهاجرين المثالية أعلى مما تسمح به الولايات المتحدة في الوقت الراهن، علاوة على أنه لا غبار أساساً على المهاجرين منخفضي المهارة: فهم يميلون للعمل الشاق، كما أن مستويات تعليمهم، وصحتهم، وثرواتهم الشخصية، عادة ما ترتفع مع توالي أجيالهم. ولكن الأفضل من ذلك كله، هو أنه سيكون هناك أيضاً زيادة في المهاجرين مرتفعي المهارة مع سياسة الأبواب المفتوحة، وهو ما سيرفع ليس الناتج المحلي الإجمالي، وإنما إنتاجية الفرد أيضاً، حتى في المدى القصير. لذلك يجب على «جيب بوش»، إذا أراد أن ينقلنا إلى نسبة نمو في الناتج المحلي الإجمالي مقدارها 4 في المئة، أن يدرك أنه سيتعين عليه لتحقيق هذه النسبة فتح الأبواب لاستيعاب أعداد أكبر بكثير من المهاجرين. إنها فكرة جيدة، ولكنها لن تحظى بالقبول من جانب القاعدة الأساسية من الجمهوريين. نوح سميث أستاذ المالية المساعد بجامعة «ستوني بروك» ينشر بترتيب خاص مع خدمة«واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»