السؤال المطروح هو هل ستؤدي عاصفة الغضب الإسرائيلية والمستمرة منذ توقيع الاتفاق النووي مع إيران إلى هجوم عسكري إسرائيلي على المواقع النووية الإيرانية أم تنتهي بحصول إسرائيل على مكاسب كبرى من الولايات المتحدة؟.. هنا ينبثق سؤال ثان يقول: وما هي المكاسب الكبرى التي تقنع الإسرائيليين أن رئيس حكومتهم نتنياهو قد استثمر الفرصة خير استثمار، وأنه حقق لهم مطالب أمنية وسياسية تحيد المخاطر النووية من ناحية وتمنحهم مزايا سياسية جديده من ناحية أخرى؟ لقد لوح رئيس الأركان الإسرائيلي بالتهديد العسكري للمنشآت النووية الإيرانية عندما تحدث عن القدرات الإسرائيلية التي تسمح بشن هجوم منفرد على إيران دونما حاجة للقوة الأميركية في الوقت المناسب لإسرائيل إذا تم اتخاذ قرار بذلك، وجاء هذا التلويح ليتمم التصريحات الغاضبة التي صدرت عن نتنياهو ضد الاتفاق باعتباره اتفاقاً يعرض أمن إسرائيل للخطر، لعل أحد المؤشرات على ضرورة أخذ كلام رئيس الأركان الإسرائيلي بجدية يتمثل في رد الفعل الأميركي، والذي صدر عن وزير الخارجية جون كيري حيث قال: «إنني أعتقد أن قيام إسرائيل بضربة استباقية سيكون خطأ فادحاً وستكون له عواقب وخيمة على الجميع». غير أن أفيجدور ليبرمان رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» المعارض، ووزير الخارجية السابق في حكومة نتنياهو السابقة لديه رؤية مختلفة لتصريحات رئيس الأركان ونتنياهو، إنه يرى أن نتنياهو يحاول أن يغطي على فشله في إدارة الملف النووي الإيراني بالأحاديث الحماسية هو ورجاله في حين أنه لا ينوي القيام بأي عمل عسكري منفرد، إن هذه الرؤية المستبعدة للخيار العسكري تفتح الباب أمام ترجيح أن حكومة نتنياهو تضغط الآن على رئيس الولايات المتحدة بمختلف الوسائل سواء داخل الكونجرس أو عن طريق التلويح بالعمل العسكري لتحصل على مزيد من المكاسب مقابل ابتلاع الاتفاق النووي.. هنا يعدد الخبراء والمراقبون العسكريون أنواع الأسلحة والطائرات المتقدمة التي لم تسمح الإدارة الأميركية لأي دولة حليفة بالحصول عليها، والتي يمكن أن تقدمها لإسرائيل لطمأنة مخاوفها وشراء سكوت نتنياهو، وهذا أمر معتاد في تاريخ التحالف الأميركي الإسرائيلي. من ناحية أخرى بدأت عناصر في حكومة نتنياهو في إرسال رسائل علنية للإدارة الأميركية تفيد بأن الأسلحة وحدها لا تكفي وأنه لا بد من الحصول على تعويضات سياسية، فقد قال «يجآل آردان» وزير الأمن الداخلي إن على إسرائيل أن تستخدم الاتفاق النووي للحصول على تعويض يتمثل في قيام الولايات المتحدة بتغيير موقفها الحالي من هضبة الجولان وغور الأردن لتكف عن اعتبارهما أراضي عربية محتلة من إسرائيل وتسلم لإسرائيل بضمهما مراعاة للتطورات الحاصلة في المنطقة، لقد لقي هذا الطلب دعماً وتطويراً من مسؤولين إسرائيليين سابقين مثل الجنرال «جيورا أيلاند» رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق، حيث دعا إلى التلفح بالسرية، وعدم طرح مثل هذا الطلب علناً ضماناً لنجاحه، بل وطالب أن يتم طرح الطلب في إطار حوار إستراتيجي سري بين إسرائيل وواشنطن، حتى لا يعرف أحد أن المواقف الأميركية تتطور نتيجة لمطالب إسرائيل. أعتقد كباحث متابع لأنماط العمل والتفكير السياسي والأمني في إسرائيل أن الأجهزة المختلفة ستعمل على تطوير الفكرة منتفعة بكل الآراء التي ستطرح حولها في العلن لكي تتحول إلى برامج عمل قابلة للتنفيذ. كذلك أرجح أن يتم تطوير آلية الحوار الإستراتيجي السري ليمكن الحصول على مواقف أميركية تؤدي إلى شرعنة احتلال إسرائيل للجولان وغور الأردن وتسويق هذه الشرعنة في دهاليز العمل الدبلوماسي مع الدول المختلفة، وكذا يتحول التلويح بالخيار العسكري إلى ورقة ضغط على إدارة أوباما لتقبل بما لم تكن تقبل به.