حلّت دولة الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الخامسة عالمياً والأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مؤشر «الحرية الاقتصادية لعام 2015»، الذي صدر مؤخراً عن «معهد فريزر» الكندي، وهذا الإنجاز لا يعبر فقط عما استطاعت الإمارات تحقيقه من رصيد تنموي كبير على مدار العقود الماضية بفضل اتباعها للسياسات الاقتصادية المرنة والمنفتحة على العالم، بل إنه يشير كذلك إلى أن استمرار الإمارات في تطبيق هذه السياسات يتيح أمامها أفقاً كبيراً وواسعاً لزيادة هذا الرصيد خلال العقود المقبلة. ويقيس مؤشر «الحرية الاقتصادية» مستوى وكفاءة السياسات التي تتبعها الدول المعنية، والتي تدعم حرية المؤسسات والأنشطة الاقتصادية، وهذا الأمر يعتمد على مجموعة من المعايير، تشتمل على: حرية الاختيار الشخصي، وأمان التملك الشخصي للأملاك، وحرية التنافس، بالإضافة إلى معايير عدة تتعلق بالوضع الكلي للاقتصاد والأطر التشريعية المنظمة للأنشطة الاقتصادية، ومنها: حجم الحكومات، والنظام القانوني، وحقوق الملكية الفكرية، ومشروعية الأموال، وحرية التجارة العالمية، والتبادل التجاري، واللوائح المنظمة لأسواق الائتمان، وأسواق العمل. وهذا التنوع الكبير في عدد وطبيعة المؤشرات والمعايير التي يعتمد عليها تصنيف «معهد فريزر» إنما يؤكد أهمية الإنجاز الإماراتي وعمقه، بالإضافة إلى دلالته المهمة بشأن كفاءة البنى التحتية للنموذج التنموي الإماراتي الشامل، الذي لا يعتمد على إنجاز مقتضب أو مركز في جانب أو قطاع واحد، بل إنه إنجاز شامل ومتوازن بين جميع القطاعات الاقتصادية والجوانب المرتبطة بعملية التنمية كلها. وفق تقرير «معهد فريزر» حصلت دولة الإمارات العربية المتحدة على 8,15 نقطة من مجموع 10 نقاط، هي العلامة الكاملة لمؤشر الحرية الاقتصادية الذي تضمنه التقرير، وجاءت الإمارات بفارق لا يتعدى 0,82 نقطة عن هونغ كونغ، التي تصدرت التصنيف العالمي، وهذا الأمر يشير إلى أن مناخ الحرية الاقتصادية في دولة الإمارات العربية المتحدة الآن يضاهي ذلك المناخ المتوافر في أكثر دول العالم تميزاً في هذا المؤشر. ومن زاوية أخرى فإن هذا الإنجاز يدلل على أن النظام الاقتصادي الإماراتي، بسياساته الاقتصادية والتجارية والمالية والنقدية، وأطره التشريعية وقواعده التنفيذية على المستوى التفصيلي في أرض الواقع، يضاهي في بنائه وهيكله تلك النظم والسياسات الاقتصادية المعتمدة في دول العالم المتقدم، والدول الأكثر حرية وتنافسية على المستوى العالمي. إن دولة الإمارات العربية المتحدة منذ نشأتها في مطلع عقد السبعينات من القرن العشرين، على يد الأب المؤسس، المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، تعتمد سياسة اقتصادية قوامها الحرية والتنافسية والكفاءة، ناهيك عن المرونة والقدرة على التعامل والاستجابة بفاعلية مع المستجدات والتطورات على المستوى العالمي، فضلاً عن تلبية متطلبات التنمية على المستوى الوطني، وبفضل هذه السياسات استطاعت الإمارات أن تجعل من نفسها نموذجاً يحتذى، ليس على المستوى الإقليمي فقط، ولكن على المستوى العالمي أيضاً، في مجال الحرية الاقتصادية والتنافسية وتمكين الأنشطة الاقتصادية كافة، وأصبح مناخها الاستثماري يضاهي ذلك المتاح في أكثر دول العالم تقدماً وتطوراً، بل إن تطورات السنوات القليلة الماضية، أظهرت ما يتحلى به الاقتصاد الإماراتي من مميزات لا تتوافر للعديد من الدول على المستوى العالمي، بما في ذلك الدول المتقدمة، ولاسيما حالة الاستقرار والقدرة الذاتية على النمو التي يحتفظ بها الاقتصاد الإماراتي لنفسه، في محيط عالمي يموج بالأزمات الاقتصادية ويعج بمظاهر الاضطراب المالي والنقدي هنا وهناك. ــ ــ ــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.