التعليم هو الركيزة الأساسية التي تُبنى عليها حضارات الشعوب، وإذا كنا بصدد تفحص مسيرة منظومة التربية والتعليم في دولة الإمارات العربية المتحدة، فذلك لكي نلمس مدى ما أولته الدولة من اهتمام، ولا تزال، لهذا المجال الحيوي والمهم من مجالات الحياة والنمو. وانطلاقاً من حرص دولة الإمارات العربية المتحدة وسعيها الدائم لتوفير أرقى سبل التعلم وتحصيل المعرفة وتحقيق أفضل معايير الأمان للطلاب، ومع تقدم العلم والتكنولوجيا وما يواكبه من نتائج قد تكون سلبية، من قبيل المظاهر السلبية المنتشرة في وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الترفيه والاحتكاك بالثقافات الأخرى، وما يمر به الطلاب وفئة الأطفال من هذه التجارب التي تنعكس بشكل مباشر على شخصياتهم، وتظل معهم طوال مسيرة حياتهم، وتؤثر في سلوكياتهم تجاه الآخرين وتجاه المجتمع الذي يعيشون فيه، قامت «مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال»، وبالتعاون مع «وزارة التربية والتعليم»، مؤخراً، بإطلاق برنامج مواجهة ظاهرة «التنمر المدرسي»، والتي تشمل في بعض أوجهها السلوكيات العنيفة لبعض الطلاب، التي قد تضرهم شخصياً وتضر زملاءهم. وهذه المبادرة التي تأتي تحت شعار «فينا خير فزعتنا غير»، تستهدف تأهيل الاختصاصيين الاجتماعيين والنفسيين والمعلمين والإداريين العاملين للتعامل مع هذه الظاهرة، إلى جانب تنظيم برامج التوعية والتثقيف في المدارس لمواجهة هذه الظاهرة. وقد جاء إطلاق هذه المبادرة بناءً على نتائج دراسة ميدانية أجرتها «مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال»، لرصد هذه الظاهرة والتعرف إلى تداعياتها، وهي الظاهرة التي تؤثر –إن أهملت- في مجمل العملية التعليمية، وفي فرص البناء السليم لشخصية الطلاب في مختلف المراحل التعليمية. وهذا ما يؤكد أهمية هذه المبادرة التي تسعى إلى التخلص من هذه الظاهرة بشكل كامل، بدءاً من تفعيل دور الأسرة، وإخضاع حالة الطلاب الذين يمارسون السلوكيات المشار إليها، إلى الدراسة الدقيقة، ودراسة المشكلة من جميع الجوانب، واستشارة جميع المقربين من هؤلاء الطلاب سواء في الأسرة أو في المدرسة، بما في ذلك بحث الصعوبات التي يمكن أن يواجهها الطلاب في المدرسة فيما يخص التحصيل الدراسي، والتي يمكن أن تكون وراء سلوكهم العدواني. وختاماً، ينبغي التذكير بأن دولة الإمارات العربية المتحدة تهتم بتوفير المناخ التعليمي المثالي في مدارسها ومؤسساتها التعليمية كافة، وبشكل مستمر، فهي تراعي مواكبة المستجدات والتطورات العالمية في هذا المجال، سواء تعلق الأمر بالاستعانة بالتكنولوجيات الحديثة في العملية التعليمية أو تطبيق القواعد والإجراءات التنظيمية الأكثر كفاءة أو حتى مقاومة المظاهر السلبية التي يمكن أن تؤثر سلباً في مجريات العملية التعليمية وتعوقها عن تحقيق أهدافها. وفي هذا الإطار يأتي اهتمامها بقضية رصد ظاهرة التنمر في المدارس واتباع السبل الكفيلة القضاء عليها كافة، ومن المهم الإشارة في هذا الإطار إلى أنها تعد من الدول القليلة في العالم التي فطنت إلى ذلك. وهذه الجهود تأتي ضمن قائمة طويلة من الجهود التي اتبعتها الدولة في إطار تطوير المنظومة التعليمية، ويمكن في هذا السياق الإشارة إلى المبادرة التي أطلقتها وزارة التربية والتعليم في وقت سابق، بشأن ربط المدارس بمنظومة إلكترونية وغرفة عمليات مركزية تتيح للمشرفين على العملية التعليمية في الدولة الاطلاع أولا بأول على المستجدات اليومية والآنية في المدارس، كما أنها تتيح إمكانية استخراج تقارير تحليلية ومعلوماتية، تساعد في اتخاذ القرار بشأن ذلك. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.