تصدرت القضايا الاقتصادية والأمنية عناوين زيارة الرئيس الأفغاني «أشرف غني» إلى كازخستان خلال عطلة الأسبوع الماضي، ما يؤكد على الاهتمامات المتبادلة والحقائق المؤلمة في كل من أستانا وكابول، كما ألقى «غني» خلال زيارته التي استمرت يومين إلى آستانا خطاباً في جامعة نزارباييف. وتعد هذه أول زيارة رسمية للرئيس الأفغاني إلى كازخستان. ومن الصفقات التي تم الاتفاق عليها بين البلدين عقد باستيراد 600 ألف طن قمح من كازخستان. وذكر موقع «تولو نيوز» الإخباري الأفغاني أن الرئيس «غني» علق قائلاً: «إن كازخستان تعد واحدة من أكبر منتجي القمح في المنطقة ونحن بحاجة لاستيراد القمح في السنوات الخمس القادمة». وقال إن كازخستان من الدول المنتجة للحديد وإن خطط أفغانستان لتنمية البنية التحتية تتطلب إمدادات قوية. ربما لا تكون كازخستان طرفاً في بعض خطط التكامل الإقليمي الكبيرة، مثل خط أنابيب «تابي» أو مشروع نقل الكهرباء في وسط وجنوب آسيا (كازا-1000)، لكنها تعد أكثر الاقتصادات نجاحاً في المنطقة، ورغم أن أن توريد القمح والحديد لأفغانستان لن يعوض الإيرادات المفقودة جراء انخفاض أسعار النفط، فإنه يعزز أهداف آستانا للتصرف كقوة إقليمية ولاعب دولي. ويذكر أنه منذ عام 2002، قامت كازخستان بتوريد مواد غذائية بقيمة 20 مليون دولار إلى أفغانستان، علاوة على تخصيص 50 مليون دولار للطلاب الأفغان الذين يدرسون بجامعاتها. ويلاحظ أن حجم التجارة بين البلدين بلغ 336.7 مليون دولار عام 2014، مقابل 251.4 مليون دولار في 2013. وقد صرحت صحيفة «آستانا تايمز» أن حجم التجارة الآن بلغ 400 مليون دولار. وربما يعود جزء من جهود «غني» لتعميق الروابط مع كازخستان إلى الانفراج السياسي المتعثر في العلاقات مع باكستان. وقد علّق موقع «تولو نيوز» قائلاً إن «المسؤولين والتجار الأفغان ينظرون لكازخستان وأوزبكستان كأفضل بديلين لباكستان». وتصدرت القضايا الأمنية التعليقات أثناء الزيارة، وأثناء خطابه في جامعة نزار باييف، وصف الرئيس غني «التطرف والعزلة وتبني العنف» باعتبارها قضايا إقليمية. وقيل إنه «أخبر الطلاب بأن أشخاصاً من بلدان عديدة، تورطوا في عنف التطرف الإسلامي في أفغانستان». ولم تتطرق «آستانا تايمز» في تغطيتها لتعليقات «غني» للصحفيين قبل الزيارة، إلى كازخستان كمصدر محتمل للمتطرفين، رغم أنها ذكرت أوزبكستان وروسيا والشيشان وطاجكستان والصين. وذكر «غني» أن «هؤلاء الأشخاص ليسوا مواطنين في بلادنا، وليس لديهم مشكلات مع أفغانستان، بل مع بلادهم. لذا فالمشكلة يمكن حلها فقط عبر وضع خطة إقليمية شاملة». وكما كتب «تميم عاصي» في صحيفة «ذا دبلومات» خلال الصيف الماضي، فإن علاقات أفغانستان بجيرانها في الشمال، طوال التاريخ الحديث، تدور غالباً حول الأمن. وتهدف السياسات الحكومية في آسيا الوسطى إلى سحق التطرف، لكن ربما يكون لها تأثير عكسي في خلق الاستياء الشعبي، والذي بدوره يؤثر على أفغانستان حيث يوجد العديد من المقاتلين من وسط آسيا. إن التأثير الجانبي هو الكلمة الثابتة فيما يتعلق بأفغانستان، لكن التأثير الجانبي، بطريقة ما، ذهب في الاتجاه المعاكس. فـ«الحركة الإسلامية لأوزبكستان» نشأت في البلد الذي سميت باسمه، لكن تم الدفع بها إلى أفغانستان وباكستان، حيث ظلت لأكثر من عشر سنوات، تقاتل جنباً إلى جنب مع «طالبان». كاثرين بوتز: محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفيس»