يحتفل وطني دولة الإمارات العربية المتحدة هذا الأسبوع بذكرى تأسيس الاتحاد، ذلك المشروع الوطني الذي كان من أهم إنجازاته صموده في وجه التحديات، ونجاحه في تجاوز جل الرهانات. فمن درس تاريخ الوطن في فترة التأسيس، يجد أن البعض راهن على عدم استمرار هذا الاتحاد، بيد أن الواقع قال لنا: إن هذا الوطن لم يستمر فقط بل حقق من المنجزات ما جعل أهله يفخرون به ومن عاش على تراب هذا الوطن من غير أهله لا يتمنى غيره ليس له فقط بل حتى لذريته من بعده. ولو سألت عن الأسباب وراء تميز الامارات لكان ملخصها الحب، ذلك الشعور النفسي الذي يربط قادة الامارات بوطنهم ويجمعهم مع شعبهم. أخبرني أحد كبار السن الذي عايش مؤسس الوطن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله أنه سئل يوماً عن شركتين إحداهما أغنى مالياً لكنها أقرب للفشل منها للنجاح. والأخرى أنجح رغم ميزانيتها المتواضعة، فقال سر هذه المؤسسة يتلخص في حب من يعمل بها، هذه العبارة تلخص أحد أهم أسرار تميز الإمارات عن الدول الأخرى إنه إخلاص القيادة للوطن، ركيزة أساسية في هذه المنجزات، وقد أضحت الإمارات تقدم نموذجاً حضارياً يُحتذى به. ليس هذا من بنات أفكاري، لكن الحق ما شهد به الأعداء، ففي الأسبوع الماضي كتب توماس فريدمان بـ«نيويورك تايمز» مقالاً جاء في ثناياه بشىء من التصرف: «أمام العرب والمسلمين في كثير من الأماكن خياران، إما القبضة الحديدية للحكومات أو جنون «داعش»، ولحسن الحظ فإن هناك خياراً ثالثاً تمثله حكومات استثمرت في شعوبها، ووفرت أماكن آمنة تسودها الأخلاق، ذكر منها الإمارات». نعم لقد نجحت الإمارات في تقديم نموذج يحتذى لمن شاء أن يتقدم في سجله الحضاري، بل إن الإمارات ماضية في سلم الطموحات، الذي سيتجاوز الأرض إلى السموات. فقد تم الإعلان عن السياسة العليا التي اعتمدها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، والتي تتضمن مبادرات عملية ومراجعات تشريعية واستثمارات مالية، هدفها دفع الاقتصاد الوطني بعيداً عن النفط، وما أسبوع الابتكار الذي مر بِنَا إلا أول الغيث. فكما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حفظه الله ورعاه" الدول الواعية والشعوب المتعلمة لا ترهن مستقبلها للموارد النفطية المحدودة زمنياً وتقنيا، والرهان الحقيقي هو على العقول، وقد أعلنت دولة الإمارات عن السياسة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار، تتضمن 100 مبادرة واستثمارات هدفها الاستعداد لعالم ما بعد النفط، وتم تخصيص مبلغ 2 مليار درهم لدعم الجديد من الأفكار، ومن تابع ما تم الإعلان عنه خلال الأسبوع الماضي من مبادرات واعدة، وإبداعات متجددة، وتلمس الدعم الذي تبديه القيادة للمفكرين المبدعين، يستشرف أن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، قد يستحدث وزارة خاصة للابتكار تتابع مشاريع الوزارات والدوائر المختلفة، وتنسق بين أدوار مدراء الابتكار الذين تم تعيينهم في كل الوزارات. حكومة الإمارات الذكية، انتقلت بعد خطوة الجودة التي بدأت من سنوات، وأسهمت في تطوير عمل الدوائر والوزارات إلى مرحلة الحكومة الإلكترونية فالذكية، حتى أصبح القطاع الخاص اليوم يتعلم من القطاع الحكومي، الذي جاوزه بمراحل والصورة مقلوبة في كثير من أرجاء الوطن العربي الكبير، ونحن نحتفل باليوم الوطني 44 نتذكر من رحل من قادتنا وندعو لهم بجزيل الأجر والثواب على جهدهم التاريخي في تأسيس هذا الوطن، ونعاهد قادتنا اليوم على المضي قدماً ضمن برنامج التمكين، كي نفرح بمنجزاتنا ونعد جيلًا من أبناء الوطن، الابتكار لهم واقع وليس مجرد شعار.