تم إعدام 47 إرهابياً في السعودية مطلع عام 2016، وفي إيران تم إعدام 27 شخصاً في وقت متقارب، لكن الحدث الأول جعل «نصر الله» يزعق، كما هجم الغوغاء في طهران على السفارة السعودية، فردت الرياض بإبعاد طاقم السفارة الإيرانية في عمل مقابل. وفيما تصر إيران على تصعيدها الطائفي البغيض، فإني أتعجب من صراعات البشر وهم ينتسبون لنفس الدين، لكن حرب الثلاثين عاماً في أوروبا (1618 -1648) كانت بين فصيلين كل منهما يدعي أنه على الديانة الصحيحة للسيد المسيح، والذي ليس له علاقة بذلك الصراع الذي استمر ثلاثة عقود، وأرسل إلى المقابر أكثر من ستة ملايين نسمة، وترك ألمانيا خراباً يباباً، احتاجت بعده إلى ثمانين عاماً من الترميم، وأطلقت الكنيسة يومها قانون إباحة تعدد الزوجات بعد هلاك النسل! وفي المغرب التقيت شاباً نبيهاً روى لي قصته مع التشيع، وقال: لقد أغرونا بالمال والفكر معاً، كان استقدامي مع ثلاثة مغاربة آخرين إلى دمشق، وقد بنوا علينا الآمال كي نكون دعاة للتشيع في المغرب، فننشره بين صفوف الناس فيصبحون من «المستبصرين»! وأضاف: بوابات التشيع ثلاث، أولها المظلومية، حيث يكررون أن آل البيت تعرضوا لاضطهاد شديد في التاريخ، ويوظفون هذا الشعور بالأنغام والأناشيد والأسطورة والشعر والقصة، فيحركون هذه المشاعر كل عام، فتصبح مثل الجمر والريح مع كل ذكرى كربلائية. أما البوابة الثانية فكانت من معركة «نصر الله» في حرب إسرائيل عام 2006، والتي انتهت بتدمير لبنان، وحضور القوات الدولية في جنوبه، وهم يعتبرونها حرب تحرير لم يجرؤ عليها نظام عربي من قبل. وأخيراً البوابة الثالثة وهي نكاح المتعة، حيث يمكن للشاب أن يدخل على الفتاة مقابل مال، فتقول له: أنكحتك نفسي. أنا شخصياً لي تجربة معهم مختلفة حين سمعت أشرطة قتل الحسين فبكيت، ولا يملك إنسان نفسه من البكاء وهو يسمع هذه الأناشيد. لكن المشكلة الجوهرية أن الأحداث والتحولات التاريخية قد تقوم على أساطير غير تاريخية. والانشقاق الكنسي بين الأرثوذكس والكاثوليك تم على الأرض البلقانية بفعل تقسيم الإمبراطورية بين ولدين للقيصر هما أونوريوس وأركاديوس، وعند هذا الفالق التاريخي عام 389 وقعت الواقعة، والشيء ذاته تقريباً تكرر عندنا عام 32 هجري مع معركة صفين. لذلك أقول وأكرر إن حل الصراعات المذهبية يجب أن يقوم على قاعدة مزدوجة من التسامح والاحترام، فالكل عنده من الخرافات ما يكفي. فقط شيء واحد وحيد ممنوع، رفع السلاح من أجل الأفكار وفرضها على الناس بالقوة المسلحة، وتبقى هذه تمنيات أما التاريخ فقد كتبته أسنة الحراب. ومع وجود «قاسم سليماني» على أرض السوريين، يقتل أولادهم ويستحيي نساءهم، فهو من المفسدين على ملة فرعون ولو تشبه بالحسين، فالعبرة بالممارسات وليس بالشعارات. الانشطار والتموضع في خنادق حروب التشيع السياسي، هذه هي حالة الشرق الأوسط الملتهب حالياً، جنون طائفي وتشرذم مذهبي.. إلى أن يعود الوعي من المنفى بعد أن أخذ إجازة مفتوحة.