إذا كان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون يبدو في عجلة من أمره لإجراء الاستفتاء الموعود بشأن انسحاب أو بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي هذا الصيف، فسبب ذلك طبيعة الرهانات وضغوط الوقت التي يواجهها. ومن المحتمل جداً أن يخسر إذا انتظر حتى العام القادم. وهناك سببان لأهمية عامل التوقيت بالنسبة لتقرير مستقبل بريطانيا في أوروبا، ومستقبل الكتلة نفسها، أولهما، بحسب ما يؤكد تحليل نتائج 43 استفتاء تم إجراؤها في الاتحاد الأوروبي مؤخراً، أن هذه الاستفتاءات مالت لمصلحة دعم الاتحاد الأوروبي عندما كانت الحكومات التي تدعو إلى الاقتراع باقية في السلطة لفترة قصيرة. والسبب الثاني هو أن انخفاض الإقبال على التصويت يكون أحياناً عاملاً مساعداً. وفي حالة بريطانيا، سيكون الإقبال أقل إذا ما أجري الاستفتاء أثناء الصيف (هناك تقارير تشير إلى أن يونيو هو الشهر المستهدف وكلما كان الاستفتاء في وقت متأخر من الصيف كلما كان ذلك أفضل بالنسبة للتصويت لمصلحة الاتحاد الأوروبي). وبالمثل، فإن حزب المحافظين، الذي يتزعمه كاميرون، سيكون أمامه عام واحد في دورته الانتخابية. صحيح أن كاميرون يدير بالفعل حكومة ائتلافية منذ عام 2010، ولكن كلما أخر إجراء الاستفتاء، كلما زاد الضرر الذي سيلحق به. وأعتقد أنه إذا كان الإقبال بذات الزخم نفسه عند إعادة انتخاب كاميرون في مايو الماضي (66%)، وإذا كان الاستفتاء سيجرى قريباً، فإنه سيكون مقيداً بنسبة 56% لمصلحة البقاء في الاتحاد الأوروبي. وإذا انتظر حتى العام القادم وكان الإقبال عالياً مثلما كان عليه الحال في استفتاء سبتمبر 2014 حول استقلال إسكتلندا (85%)، فإن التصويت لمصلحة البقاء سيبلغ فقط 49%. وبعبارة أخرى، فسيخسر. وهذا المستوى من الإقبال سيكون غير عادي، ولكنه ليس مستحيلاً، نظراً للشغف الذي يثيره التجذب حول الموقف من أوروبا. وربما يفسر هذا الأسباب التي جعلت كاميرون حريصاً للغاية على إبرام اتفاق بشأن إصلاح أوروبا مع غيره من قادة الاتحاد الأوروبي يومي 18 و19 فبراير، خلال قمتهم المقبلة. وإذا فشل في تحقيق ذلك، فلن يكون بوسعه إجراء التصويت هذا الصيف، وستبدأ الاحتمالات المعاكسة لتوجهه في الازدياد. وكل هذا يستند على معادلة قمت بصياغتها في مجلة أكاديمية. فالإحصائيون والاقتصاديون غالباً ما يستخدمون نماذج اقتصادية قياسية لوضع التوقعات، ونفس الأنواع من المعادلات يمكن تطبيقها بالنسبة للأحداث السياسية. وقد وضع العالم السياسي الأميركي «مايكل لويس بيك» نموذجاً يهدف إلى التنبؤ بالانتخابات الرئاسية الأميركية مع هامش زائد أو ناقص 2,5% (وقد استخدمت هذا للتنبؤ بفوز أوباما في عام 2012). وباستخدام بيانات النتائج في ال43 استفتاء بشأن الاتحاد الأوروبي منذ 1972، يمكننا التوصل إلى معادلة مماثلة. وقد أظهرت نتائج الاستفتاءات ثلاثة عوامل رئيسية تفيد المعادلة. والأقوى في هذه العوامل هو ذلك المتعلق بالسؤال المطروح في الاستفتاء: أما بقية المتغيرات الأخرى فهي متساوية، فاستفتاءات الاتحاد الأوروبي تميل عادة إلى تحقيق الفوز إذا كان هناك سؤال كاشف. والناخبون يميلون إلى التصويت لمصلحة مقترحات الحكومات إذا كان السؤال المطروح يتضمن كلمات عاطفية، مثل هل «توافق» أو هل «ترضى». ونحن بالفعل نعلم السؤال الذي سيتم طرحه في استفتاء بريطانيا، وأنه سيكون لطيفا: «هل يجب أن تظل المملكة المتحدة عضواً في الاتحاد الأوروبي أو أن تتركه؟ تترك/ تبقى». وهذا يخلق قيمة صفرية بالنسبة للجزء من المعادلة الذي يسمح بأسئلة مثيرة للمشاعر بأن يؤثر على التصويت، ولذا فلن تكون هناك مساعدة لحملة كاميرون للبقاء في الاتحاد الأوروبي. أما العاملان المتبقيان فهما حجم الإقبال وطول الفترة الزمنية التي تمضيها الحكومة في السلطة. وبالطبع، هناك العديد من القضايا الأخرى التي ستؤثر على التصويت. بيد أن البعض الذي يعد حيوياً، مثل مستويات إنفاق الحملة والسيطرة على وسائل الإعلام، ثبت أنه غير ذي أهمية من الناحية الإحصائية بالنسبة لاستفتاءات الاتحاد الأوروبي التي أجريت في جميع أنحاء القارة حتى الآن. ولكن، لماذا إذن تعد عوامل الإقبال وعدد السنوات التي تمضيها الحكومة في السلطة أكثر أهمية؟ إن الحكومات تخلف الوعود وتخيب الآمال إذا ظلت في السلطة لفترة طويلة، وهذه الحالة المزاجية تؤثر على خيارات الناخبين عند سؤالهم عن مدى تأييدهم لتوصيات نفس الحكومة بشأن أوروبا. ولذلك، فإنه ينبغي أن يُنصح كاميرون وموظفوه بأن يصوغوا اتفاقهم بناء على إعادة تشكيل علاقة بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي التي يتم التوصل إليها في شهر فبراير، وإجراء استفتاء «خروج بريطانيا» في أسرع وقت ممكن. وكلما قل عدد الناخبين الذين يدلون بأصواتهم، وكانوا أقل سأماً من صوت كاميرون، كلما زاد احتمال فوزه. مات كفورترب: أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة كونفنتري البريطانية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»