في نهاية المطاف سوف يتوصل الجمهوريان، المرشح الرئاسي دونالد ترامب ورئيس مجلس النواب بول ريان، إلى تقارب في وجهات النظر. ولن يكون التقارب حقيقياً، وليس هذا بسبب خلافاتهما الجوهرية بشأن التجارة والهجرة والمخصصات المالية، فترامب مرن فيما يبدو، والمبادئ الجوهرية ليست عقبة، لكن الزعيمين الجمهوريين لديهما منهجان مختلفان كلياً في السياسة، ففي جانب، هناك المسعى المحافظ المتفائل للتواصل مع الآخرين واحتوائهم وعلى الجانب الآخر هناك مسعى استنهاض قاعدة محافظة تشعر بالاغتراب وبمخاوف عرقية وعنصرية. والشقاق بين ترامب وريان يمكن فهمه على نحو أفضل بالنظر إلى شخصين تنعكس فيهما صورتهما، وهما عضو الكونجرس السابق جاك كمب الراعي السياسي لريان ومثاله الذي يحتذيه في السياسة، ورئيس مجلس النواب السابق نيوت جينجريتش الذي ينظر إليه باعتباره المرشح إلى جانب ترامب في منصب نائب الرئيس، وزعم جينجريتش مؤخراً أن ترامب: «يشبه بدرجة ما جاك كمب وإن بشكل مكبر»، لكن لا أحد قريب من كمب يعتقد أن ترامب يشبهه في شيء، وكمب الذي كان المرشح الجمهوري لنائب الرئيس في انتخابات عام 1996 وتوفي عام 2009 لم يكن ليبرالياً ولم يصادف في يوم من الأيام ضريبة إلا وأراد أن يقلصها أو يلغيها، وحتى سنواته الأخيرة كان من طائفة المتشددين في السياسة الخارجية. والتناقض بين وجهات نظر كمب وجينجريتش فيما يتعلق بقضايا محورية، يوضح السبب الذي لن يجعل ترامب وريان صديقين أبداً. ففي عام 1994، شن كمب حملة ضد «المقترح 187» لولاية كاليفورنيا، وهو مبادرة كان يتزعمها الجمهوريون وتحظر على المهاجرين غير المشروعين الاستمتاع بالخدمات العمومية، وصرح جينجريتش أنه كان من المرجح أن يصوت لتأييدها، وتم إقرار التشريع لكنه أقصى جالية السكان المنحدرين من أميركا اللاتينية الذين كان يتزايد عددهم وهيمن الديموقراطيون على السياسية في كاليفورنيا منذئذ، ولعب كمب إلى جانب زملاء من السود وشارك في مسيرات للدفاع عن الحقوق المدنية وأقام تحالفات مع تكتل السود في الكونجرس، بينما علاقات جينجريتش مضطربة بمعظم أعضاء تكتل السود ومنهم زميله عن ولاية جورجيا المشرع جون لويس. والتناقض شديد فيما يتعلق بالتوجهات نحو المسلمين، وبعد أحداث 11 سبتمبر، أعلن كمب دعمه الحرب على الإرهاب، وإن أكد أنها ليست ضد المسلمين. ويرى جينجريتش، مثل ترامب، خطراً في الإسلام، وعارض مقترحاً لبناء مركز متعدد الثقافات ومسجد في وسط مدينة مانهاتن بالقرب من مركز التجارة العالمي. ويتضح هذا الانقسام بين كمب وجينجريتش عندما يتعلق الأمر برونالد ريجان، الراعي الجمهوري المقدس هذه الأيام، وكان كمب يعمل مع ريجان حين كان حاكماً لكاليفورنيا، وكان مقرباً منه أثناء رئاسته. وحين خاض جينجريتش السباق على منصب الرئيس عام 2012 ادعى مراراً وجود صلة بريجان رغم قلة الاتصالات بينهما، وريان ليس صورة طبق الأصل من راعيه، فكمب الذي لم يشعر بقلق من العجز في الميزانية كان يمكن أن ينتفض ضد أي تقليص في الإنفاق على الخدمات الاجتماعية التي اقترحها ريان، وريان أبطأ في اتباع منهج كمب في التواصل مع الفقراء، لكن ريان يمارس سياسة الفرصة والاحتواء، وعلى العكس، يستغل ترامب، وجينجريتش أحياناً، الغضب والخوف، وهما مستعدان للعب بورقة العرق وهي تخدمهما، وهذا الانقسام ليس من السهولة التفاوض بشأنه. ألبرت هانت محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»