تقاس هيبة الدولة الحديثة بنصاعة صورتها أمام العالم، بما تضمنه من حقوق لمواطنيها والمقيمين على أراضيها، وتوفر أرضية مناسبة للعيش الكريم بكل أمان وحرية، انسجاماً مع مبدأ احترام حقوق الآخرين، وهي مهام منوطة بشكل مباشر باستقلالية القضاء ونزاهته، كما يترتب على نزاهة القضاء واحترام نصوص القوانين، تحفيز الروح الإنتاجية لدى العاملين من خلال توفير مناخ آمن للاستثمار، وجلب رؤوس الأموال، وتشجيع الشركات العملاقة على الاستثمار، فضلاً عن تحفيز أصحاب الكفاءات والخبرات العالية وأصحاب الأيدي العاملة على التوافد إلى البيئات التي تضمن لهم كامل حقوقهم، تلكم هي الخصائص التي تميز دولة الإمارات العربية المتحدة ومكّنتها من أن تحتل مكانة متقدمة في مصاف الدول التي تولي أهمية كبيرة لاحترام القوانين، وتضع أمام جميع المتقاضين جسماً قضائياً صارماً يكفل للجميع حقوقهم وفق مسطرة واضحة وشفافة. ولقد أثبتت التجارب المتعددة أن اللبنة الأساسية التي بنيت عليها دولة الإمارات العربية المتحدة على يد الوالد المؤسس -المغفور له بإذن الله تعالى- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، تقوم على مبدأ سيادة القانون واحترام القضاء، وهو المبدأ الذي ما فتئت القيادة الرشيدة للدولة تعمل على ترسيخه بإصدار القوانين والمراسيم التي تكافح التمييز والكراهية عبر مختلف وسائل وطرق التعبير وضمان الحقوق، واحترام القوانين وحماية أمن البلاد واستقرارها، بل إن دولة الإمارات العربية المتحدة تسعى جاهدة إلى تفعيل تلك القوانين من خلال وضعها أجهزة أمنية متطورة وطواقم قضائية ذات كفاءة عالية، ولهذا تصدت الدولة لكل الجرائم التي خرجت على القوانين وأصدرت أحكاماً قضائية تتلاءم مع نوعية الجرائم التي تم ارتكابها من طرف الجناة أو المتورطين مع ضمان جميع درجات التقاضي العادل لكل الأطراف. إن القضاء في دولة الإمارات العربية المتحدة استطاع خلال مسيرته، التي واكبت تأسيس الدولة، أن يعزز قيم العدالة في المجتمع، ويضمن حقوق كل المقيمين على أراضيها، حرصاً منه على مبادئ النزاهة والشفافية والمساءلة، وإيماناً بدوره كأحد أهم أركان الدول واستمرارية الكيانات الاجتماعية عبر التاريخ. ولقد استطاع القضاء الإماراتي أن يكون هو الفيصل في الكثير من القضايا التي شهدتها الإمارات في الأيام الأخيرة، حيث تمكن من كشف خيوط عمليات وأحداث شغلت الرأي العام، فكسب بذلك ثقة الجميع ورسخ مكانته كأحد أهم الثوابت في صون حقوق البشر. ويأتي في هذا السياق، التوجيهات التي قدمها مؤخراً سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، رئيس دائرة القضاء في أبوظبي، بتوسيع دائرة حماية الأطفال من خلال إنشاء نيابة الطفل في الإمارة، لتوفير أقصى حماية لهم، وبتكثيف كل الجهود وزيادة الاهتمام بحقوق الإنسان عموماً، ووضع الأطر القانونية لحمايته. وبرهن القضاء الإماراتي على حرص قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة ممثلة في صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة -حفظه الله- على تكريس استقلالية القضاء ونزاهته بعيداً عن أي تأثيرات سياسية أو اجتماعية، والاستمرار في دعم السلطة القضائية، وتوفير كل المتطلبات اللازمة لتمكينها من النهوض بمسؤولياتها. وعلى وقع كل هذه المبادرات والجهود الحثيثة أصبحت دولة الإمارات العربية المتحدة محل تقدير داخلي وخارجي، كما أضحت نموذجاً يحتذى به في مجال نزاهة القضاء. ـ ــ ـ ــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.