يبدو أن سلسلة التجارب الصاروخية الفاشلة التي أجرتها كوريا الشمالية مؤخراً، وبثها لأشرطة فيديو لعمليات اختبار أسلحة متنوعة، تعكس حالة الاضطراب التي يعاني منها رئيسها «كيم جونج أون» وسعيه الحثيث لتحسين موقفه السياسي قبل انطلاق الحوار مع الصين. وأجرت كوريا الشمالية آخر سلسلة من تلك التجارب الثلاثاء الماضي، قبل ساعات قليلة من وصول مبعوثها «ري سو يونج» المقرّب من الرئيس «كيم» وعضو المكتب السياسي التابع له، إلى بكين. وانفجر الصاروخ البالستي متوسط المدى من نوع «موسودان» لحظة إطلاقه وفقاً لخبراء كوريين جنوبيين. ويقول خبراء إن الصاروخ الجديد مصمم بشكل خاص لضرب القواعد الجوية التابعة للقوات الأميركية في أرخبيل جزر «جوام» ويمكنه حمل رأس نووي أو أسلحة كيميائية، وكان يتم تأجيل عمليات اختباره مرة تلو الأخرى إلى أن أطلقت كوريا الشمالية تجاربها على ثلاثة نماذج منه في شهر أبريل الماضي ولكنها فشلت كلها. وعلى الرغم من الوقت الضيق الذي انقضى على تلك التجارب، والذي لا يسمح للمهندسين باكتشاف أسباب الفشل، سارعوا إلى إجراء تجربة جديدة على الصاروخ ذاته الثلاثاء الماضي وكانت فاشلة أيضاً وتكشف عن حالة من التخبط على مستوى القيادة العليا في كوريا الشمالية. وتعزو تحاليل أخرى سبب الفشل في الضغط الذي مارسه «كيم» على المهندسين لإجراء عمليات تطوير شاملة على القدرة الصاروخية بسرعة غير معقولة، ولهذا السبب كان من شبه المستحيل أن ينجحوا في عمليات الإطلاق الاختبارية من المحاولة الأولى. وكتب «جون تشيلينج» خبير تجارب الصواريخ والأسلحة الكورية الشمالية الأربعاء الماضي على موقع إلكتروني متخصص بتغطية تلك النشاطات: «يؤكد الفشل المتكرر للتجارب الصاروخية في أقل من شهر للمحللين بأن المهمة لن يكتب لها النجاح أبداً، ولو كان هذا الإخفاق ناتجاً عن قلّة الخبرة، أو كان بسبب سوء اختيار التوقيت، فإنه يؤكد على أن برنامج صواريخ «موسودان»، قد أوشك على نهايته، وهو يطرح أيضاً التساؤل حول إمكان تحقيق كوريا الشمالية لأي تقدم يُذكر في تطوير برامج التسلح الأخرى». ويوم الأربعاء الماضي، بثت كوريا الشمالية أشرطة فيديو لعملية الإطلاق الجديدة اشتملت على اختبار عدة أنواع من القذائف من بينها أول صاروخ بالستي مضاد للغواصات. وجاء من حيث التوقيت قبل اللقاء الذي جمع «ري» بالرئيس الصيني «تشي جينبينج» في بكين، وتم بث الشريط في محطة التليفزيون المركزية المملوكة للدولة، وقال محللون مستقلون إن توقيت بث الشريط يكتسي من الأهمية ما يفوق أهمية الشريط ذاته. وبعد فشل هذه التجارب، قال الخبراء إن كوريا الشمالية كانت بحاجة لاصطناع أي حدث يمكنه أن يلفت الاهتمام لما يكمن في قوتها الصاروخية من خطر على أعدائها، وأشار التعليق المرافق لعرض الشريط إلى الاجتماع الكوري الشمالي - الصيني الذي عقد هذا الأسبوع بين المبعوث الكوري الشمالي والمسؤولين الصينيين، وأيضاً للحوار السرّي المرتقب بين الولايات المتحدة والصين في بكين، والذي سيدور حول برنامج التسلح الكوري الشمالي، وسوف يحظى باهتمام كبير من النواحي السياسية. وقال البروفيسور «كيم يونج – هيون» أستاذ الدراسات الكورية في جامعة «دونجوك» في سيؤول: «إن بث الشريط بحدّ ذاته يوحي بأن كوريا الشمالية تحاول التغطية على فشل تجربة صاروخ «موسودان»، وأرادت من خلاله التظاهر أمام الصين بأن برنامجها الصاروخي بلغ مرحلة متقدمة، وبأن على الصين أن تعي هذه الحقيقة عندما سيجتمع مسؤولوها مع الجانب الأميركي للتباحث حول القضية الكورية الشمالية». تشاو سانج هون: محلل سياسي كوري جنوبي حائز على جائزة «بوليتزر» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»