من بين كل الطلبة الذين يستعدون للذهاب إلى الجامعة الخريف المقبل، ربما لم يواجه أحد رحلة أكثر خطورة مما واجهته شابة تدعى «سلطانة»، ونظراً لهذا الخطر، فإنني أمتنعُ عن الكشف عن اسمها الكامل أو المدينة التي تعيش فيها خوفاً من تعرضها لأذى. تعيش «سلطانة» في معقل «طالبان» بجنوب أفغانستان، وعندما كانت في القسم الخامس، زار وفد من «طالبان» منزل عائلتها وأمر والدَها بسحب ابنته من المدرسة، وإلا فإنها ستتعرض لهجوم بماء النار على وجهها. ومنذ ذلك الوقت، ظلت «سلطانة» عموماً حبيسة منزل عائلتها المسور، الذي دأبت فيه على تعليم نفسها في سرية تامة. «لا أحد يستطيع إيقافي!»، تقول «سلطانة» مازحة، وهذا صحيح. فقد تعلمت اللغة الانجليزية بمفردها من الجرائد والمجلات التي كان يجلبها أشقاؤها إلى المنزل من حين لآخر، إلى جانب قاموس باشتو - إنجليزي حفظته حفظاً. وعندما قام والدها التاجر بربط المنزل بشبكة الإنترنت، استطاعت القفز فوق سور المنزل وكسر عزلتها، حيث قالت لي عبر «سكايب»: «لقد حرصتُ على أن أحيط نفسي باللغة الإنجليزية طيلة اليوم». واليوم صارت الفتاة تتحدث اللغة الانجليزية بطلاقة، على غرار مستوى بعض المترجمين الأفغان الذين استعنتُ بخدماتهم. وعندما انتهت من إجادة اللغة الإنجليزية، تقول سلطانة، انتقلت لتعلم الجبر والهندسة وعلم المثلثات والحساب. واليوم، تستيقط في الخامسة صباحا وتشرع في التهام فيديوهات الحساب من «أكاديمية خان»، وحل المعادلات، وحتى القراءة عن نظرية الأوتار. سلطانة، التي تبلغ 20 عاماً الآن، تقول إنها لا تغادر منزل عائلتها إلا نحو خمس مرات في السنة، ولكنها على الإنترنت، تقرأ كتباً حول الفيزياء وتأخذ دورات مع مؤسسات تعليمية مثل «إيديكس» و«كورسيرا». سلطانة تذكّرنا بأن أعظم مصدر غير مستغَّل عبر العالم ليس هو الذهب أو النفط، وإنما النساء اللاتي يشكّلن نصف المجتمع. وقد كتبت الكاتبة الإنجليزية فرجينيا وولف ذات مرة أنه لو كانت لدى شكسبير أخت موهوبة مثله، لما استطاعت أن تنمو وتزهر - ولا شك في أن سلطانة هي أخت شكسبير. ولكن الولايات المتحدة لا تساعد، للأسف. فالشهر الماضي، رفضت السفارة الأميركية في كابول طلب تأشيرة الدراسة الذي تقدمت به سلطانة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»