السلام كما يراه «بيريز».. و«نتنياهو» خطر على الإعلام بعبارة «نتنياهو خطر على الإعلام الإسرائيلي»، عنونت «هآرتس» افتتاحيتها يوم الأربعاء الماضي، مشيرة إلى أن تعيين رامي سادان، المقرب من عائلة نتنياهو، في منصب رئيس قطاع الأخبار في القناة العبرية العاشرة يعد الحلقة الأخيرة في سلسلة من إخفاقات سوق الإعلام، وهو أمر لا ترصده عيون العامة في إسرائيل. رامي سبق أن تم تعيينه قبل ستة أشهر رئيساً للقناة، ما يبين إلى أي مدى بات سوق الإعلام في إسرائيل غير حر، كونه مرتبطاً بشخصيات سياسية نافذة. وحسب الصحيفة، عادة ما يسطر على منصات البث التجارية رجال أعمال كبار يمتلكون شركات محلية عملاقة ولديهم مؤسسات مالية. على سبيل المثال، تسيطر عائلات مثل «ويرثيوم» و«تشوفا» و«عوفر» على القناة الثانية الإسرائيلية. و«يوسي ميمون» سيطر على القناة الإسرائيلية العاشرة منذ عشر سنوات، وذلك بالتعاون مع «رون لودر» وآخرين. والآن يمتلك هذه القناة عائلات «ليونارد بلافاتنيك» و«عفيف جيلادي» و«ريكاناتي». اللافت أن أصحاب المؤسسات الإعلامية مستمرون في السيطرة على وسائل الإعلام، وذلك رغم أنهم ينفقون أموالاً ضخمة، لكن السبب يعود إلى حرصهم على النفوذ السياسي الذي يكتسونه من خلال علاقاتهم بالحكومة الإسرائيلية. سيطرة رجال الأعمال المقربين من الحكومة على وسائل الإعلام يتم تضييق الخناق عليها، ورغم ذلك هناك صحف مثل «إسرائيل حايوم» وهي أشبه بلسان حال نتنياهو، يمتلكها «شيلدون أديلسون»، وهناك شركة «بيزيك» للاتصالات التي تمتلك موقع «والا» الذي يهتم بأخبار رئيس الوزراء الإسرائيلي ويوفر لها تغطية جيدة، والشركة ملك لرجل الأعمال «شاؤول إيلوفيتش». ويبدو أن تبعية وسائل الإعلام المتنامية للشخصيات السياسية باتت حاجة وجودية ليست فقط لحملة الأسهم في الشركات العاملة في قطاع الإعلام، بل للشركات نفسها. وفي ظل الطفرة التقنية والتغيرات الهائلة في أنماط الاستهلاك، وفي ظل الأوضاع المالية السيئة التي تعاني منها المؤسسات الإعلامية، فإنها كي تضمن البقاء تحتاج التساهل في بعض الأمور ومغازلة الطبقة السياسية، خاصة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لأنه يشغل في الوقت ذاته منصب وزير الاتصالات، ولديه القدرة على تمرير القوانين الخاصة بالإعلام عبر الائتلاف السياسي الحاكم. الغريب أن نتنياهو الذي لطالما تحدث بصوت مرتفع عن إصلاحات ضمن المنافسة والتعددية في الأسواق، يتحرك فقط في اتجاه تعزيز سيطرته على الإعلام، كي يمنع ظهور انتقادات تستهدف سياساته. تحت عنوان «السلام والإبداع»، نشرت «جيروزاليم بوست» يوم الاثنين الماضي مقالاً لـ«يوري سافير»، استهله بالقول إن السلام لابد وأن يقترن بالإبداع، ذلك لأن دبلوماسية السلام ينبغي أن تعزز التقدم على الصعيدين الاجتماعي والعلمي. المقال جاء بمناسبة حفل افتتاح مركز «إسرائيل للإبداع» التابع لـ«مركز بيريز للسلام». الكاتب حاول توضيح رؤية الرئيس الإسرائيلي السابق شيمون بيريز للسلام، خاصة أن الأخير هو مهندس اتفاقات أوسلو، بيريز يعتقد أن السلام لابد وأن يعود بالفائدة على الناس وليس الحكومات، خاصة أنه يتسبب في تغيرات عميقة لا تحظى في العادة بشعبية، ما يستوجب مشاركة شعبية في عملية السلام. السلام- كما يراه «بيريز»- يحتاج مشاركة تستند إلى قرارات جريئة، وتقوم على شرعية الإبداع، قيمة السلام ترتكز على قيمة المساواة بين الناس، فمن دون المساواة بين الإسرائيليين وجيرانهم الفلسطينيين، أي بين دولتين، لن يكون هناك سلام أبداً. أما السلام المستمد من روح الحرب الباردة والنزعات والنعرات القومية التي استشرت في القرن العشرين سيكون مآله الفشل. بيريز يرى أن اقتصاد إسرائيل قائم على المعرفة وليس الموارد، وينبغي مشاطرة المعرفة مع دول الجوار من أجل استقرار المنطقة وضمان أمن إسرائيل. وضمن هذا الإطار يمكن تصدير الحواضن التكنولوجية للطلاب المتفوقين من خلال الشركات متعددة الجنسيات المتخصصة في التقنية إلى الجامعات العربية. تحت عنوان «تشخيص جيد وعلاج سيئ»، نشرت «يديعوت أحرونوت» يوم الاثنين الماضي مقالاً لـ«ناعوم برينبيع»، سلط خلاله الضوء على مقال كان «دينس روس» مبعوث السلام الأميركي السابق و«ديفيد ماكوفسكي» العضو البارز في الفريق الأميركي للسلام أيام مبادرة «جون كيري»، نشراه في موقع «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى» نهاية مايو الماضي، وذلك بمناسبة فشل المفاوضات التي جرت بين حزب «الاتحاد الصهيوني» بزعامة «إسحاق هيرتزوج» وبين نتنياهو زعيم حزب «ليكود». في مقال «روس» و«ماكوفسكي» نقد لخروج «هيرتزوج» من الائتلاف الحاكم، ويبدو أن قول «هيرتزوج» لا لنتنياهو، أهم عند الأول من كسر الجمود في عملية السلام، أونزع فتيل الحركة العالمية الراغبة في نزع الشرعية عن إسرائيل،. أهمية المقال تكمن في أن «روس» و«ماكوفسكي» لديهما دراية بالفاعلين الأساسيين في الشرق الأوسط، وأن لآرائهما تأثيراً على صناع القرار، كما أن «مايك هيرتزوج» شقيق «إسحاق هيرتزوج» يعمل حالياً في «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى». الكاتب انتقد «روس» و«ماكوفسكي» واعتبرهما يقدمان تشخيصاً جيداً لكنهما يقدمان علاجاً سيئاً، فمساحة المناورة المتاحة أمام نتنياهو على الصعيد الدولي تقلصت منذ انسحاب «هيرتزوج» من الائتلاف الحكومي قبل أسبوعين، وخلال الفترة من 2009 إلى 2015، كانت لدى نتنياهو ميزة تتمثل في أنه يقود ائتلافاً يضم قوى من اليسار واليمين، وآنذاك أصدر قراراً بوقف الاستيطان في بعض المناطق وأطلق سراح بعض السجناء الفلسطينيين، الآن ليست لدى نتنياهو هذه المساحة من المناورة، فمن دون حكومة تضم ائتلافاً موسعاً لن يكون بمقدوره الإفصاح عن أن سياسة الاستيطان تتناقض مع «حل الدولتين»، وسيكون من الصعب على الحكومة الإسرائيلية مقاومة الضغوط الرامية إلى حل القضية الفلسطينية. «روس» و«ماكوفسكي» توقعا أن إدارة أوباما قد تتخلى عن رفضها المبادرات الدولية الرامية للسلام، مثل المبادرة الفرنسية المطروحة حالياً، التي من خلالها قد يتبنى مجلس الأمن خطة سلام جديدة بنهاية العام الحالي. وهذا السيناريو يراه «روس» و«ماكوفسكي» سيئاً لأسباب منها أن مطالب إسرائيل ستكون محددة ومتماسكة بينما مطالب الفلسطينيين غامضة، وستؤيد روسيا وبعض أعضاء مجلس الأمن المطالب الفلسطينية، ونجاح المساعي الدولية سيقوي موقف الفلسطينيين، وفي الوقت نفسه سيقوي شوكة اليمين الإسرائيلي، وستكون الإدارة الأميركية الجديدة، أمام سياسات يصعب تنفيذها على أرض الواقع. إعداد: طه حسيب