اتخذت مملكة البحرين الأسبوع الماضي خطوات تهدف إلى ترسيخ الأمن الوطني والاستقرار السياسي، إذ أصدر القضاء البحريني حكماً بحل جمعية الوفاق بعد أن تقدمت وزارة العدل البحرينية بطلب في هذا الشأن إلى القضاء، وذلك يعود «لما قامت به الجمعية من ممارسات استهدفت ولا زالت تستهدف مبدأ احترام حكم القانون وأسس المواطنة المبنية على التعايش والتسامح واحترام الآخر، وتوفير بيئة حاضنة للإرهاب والتطرف والعنف، فضلاً عن استدعاء التدخلات الخارجية في الشأن الوطني الداخلي»، كما أصدر العاهل البحريني، الملك حمد بن عيسى آل خليفة، قانوناً يرسخ الفصل ما بين «العمل السياسي والعمل الديني»، وينص التعديل القانوني على قانون تشكيل الجمعيات التي تعتبر بمثابة أحزاب سياسية حسب ميثاق العمل الوطني الذي تمت المصادقة عليه في 2001 على ألا يتم الجمع ما بين «الانتماء للجمعية (السياسية) واعتلاء المنبر الديني»، مؤكداً على «ألا يجمع العضو بين الانتماء للجمعية واعتلاء المنبر الديني أو الاشتغال بالوعظ والإرشاد والخطابة، ولو من دون أجر، وفي جميع الأحوال لا يجوز الجمع بين المنبر الديني والعمل السياسي». وضرورة تنظيم العلاقات داخل الجمعيات السياسية «على أسس ديموقراطية». وكان وزير الداخلية البحريني الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة قد أعلن في لقاء عقد في 21 فبراير 2016 مع رجال دين وأعضاء في مجلس النواب والشورى عن حجم وخطورة التدخلات الإيرانية في الأمن الداخلي، واتخاذ البحرين إجراءات للحد من تدخلات إيران. ومواجهة الإرهاب تتضمن رقابة للأموال وجمع التبرعات، والتدقيق على «المنابر الدينية» و«الشعائر الحسينية» لتجنب «تسييسها وبث الفوضى والتحريض خروجاً عن مضمونها» واصفاً التدخلات الإيرانية في الشأن الداخلي البحريني باعتبارها «خطراً كبيراً» يتوسل «أساليب أصبحت مكشوفة ومعلنة ومتكررة في بلدان المنطقة»، معتبراً أن هدف طهران هو «ضرب الوحدة الوطنية من خلال تكريس التطرف المذهبي بقصد تحقيق الفتنة الطائفية بين المواطنين السنة والشيعة». وقد دأبت إيران على ملء الدنيا صراخاً وعويلًا على ما تدعي أنه تمييز عنصري طائفي ضد الشيعة في البحرين، واليوم تتباكى على إغلاق جمعية الوفاق معربة على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عن أملها «في أن توفر الحكومة البحرينية الأرضية اللازمة لبدء حوار جاد لإعادة الهدوء والاستقرار إلى هذا البلد من خلال قيامها بإجراءات بناء الثقة»، وهي حلقة من سلسلة التدخلات الإيرانية بالشأن البحريني. الإجراءات البحرينية اتخذت بأدوات قانونية ودستورية من خلال مؤسساتها القضائية ولا تمس مبادئ وقيم الحقوق والحريات التي سارعت الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية ومنظمات حقوق الإنسان المسيّسة للتباكي عليها. لقد طال أمد صبر الحكومة البحرينية على زعزعة أمن الوطن والمواطن البحريني بدمى معروفة الأيادي التي تحركها منذ ما قبل انطلاق الاحتجاجات في عام 2011، والتي طالبت، وما زالت تطالب، بإسقاط الحكم الشرعي في البحرين. لقد زرعت إيران بؤرة الفتن في البحرين وعملت على إشعالها وتأجيجها، وما زالت تفعل ذلك، وعلى رغم وضوح أجندة هذه الجمعيات السياسية فإن الحكومة البحرينية ظلت تتعامل معها في إطار الصبر وطول النفس السياسي حفاظاً على اللحمة الداخلية ورغبة في عدم استفزاز الكثافة السكانية الشيعية في البحرين، ولطالما تساهلت الحكومة البحرينية في منحهم الامتيازات المتنوعة، التي أساؤوا استخدامها للطعن في جسد الشعب البحريني. لقد كان من المستغرب خليجياً ألا تتخذ الحكومة البحرينية خطوات حاسمة ولسنوات للحد من تغلغل وتغول هذه الجمعيات السياسية الدينية التي لا تخفي ولاءها للولي الفقيه ولمشروع تصدير الثورة الإيرانية للبحرين وخصوصاً عن طريق أذناب إيران في المنطقة من جمعيات وأفراد. تحية للبحرين في إجراءاتها فهي لا تحمي تراب البحرين فحسب، ولكن تحمي دول الخليج العربية من تحول مملكة البحرين لبؤرة خليجية للمشروع الصفوي في تصدير الثورة الإيرانية.