موقع «تويتر» هو أحد مواقع التواصل الاجتماعي عبر شبكة المعلومات الإنترنت، وهو موقع له تأثير وحضور حول العالم، وفي المنطقة العربية يتنافس مع موقف «فيسبوك» في نسبة التأثير بين بلد عربي وآخر، وأمثال ذلك تصح على مواقع أخرى أو وسائل مختلفة. يجب أن نضع بعض الحقائق أمام القارئ، أولاً: موقع «تويتر» و«فيسبوك» وأمثالهما لا يمكن أن تصنع مثقفاً جاداً ولا متخصصاً متميزاً، إنها تقدم متابعةً يوميةً لقضايا خدمية، أو إثارةً محسوبةً لقضيةٍ سياسية أو دينية أو ثقافية أو مجتمعية، فهي أشبه ما تكون بـ «عدسة التكبير» للقارئ أو سلاح التحشيد لأي صاحب غاية كبرى، وما تفعله عدسة التكبير هو تضخيم بعض الحروف والكلمات والعبارات بعيداً عن حجمها الطبيعي، ومن ذلك أن «تويتر» و«فيسبوك» يمكن تسميتها بقضية اليوم الواحد، أو بضعة أيام، ومن ثم ينشأ ما يطغى عليها، وهكذا باستمرار، فهي مخلة بالوعي لأنها تفقده تركيزه وتعترض بناء أولويات صحيحة أو مفيدة. ثانياً: مصدر الوعي الحقيقي يتمثل في الكتب الجادة، التي تبني مثقفاً حقيقياً، يحتاج للتخصص ليتميز، وثقافة الكتاب والقراءة المستمرة، متنوعة كانت أم متخصصة، هي القادرة على بناء وعي متميز، وأي اهتمام زائد بمواقع التواصل الاجتماعي إنما يعبر عن سياسي نزقٍ، أو مثقفٍ يسعى للترويج، أو عن فارغٍ يسعى للجدل لوجه الجدل. ثالثاً: من يكتشف نقص الوعي لديه وعجزه عن مجالسة الكتب والبحوث والدراسات يسعى إن كان ذكياً لتعويض ذلك بالاهتمام بمصادر معرفة هي أقل من الكتاب، ولكنها مفيدة، مثل متابعة «الوثائقيات» أو أي إنتاجٍ سمعي أو بصري يمكن أن يعبئ هذه الفجوة الكبيرة، ويأتي في آخر هذا السلم المعرفي اللجوء لمواقع التواصل الاجتماعي. رابعاً: يؤثر كثيراً على الوعي، الشغل الدائم بهذه المواقع، لأنها بحكم تركيبتها تقوم بتتفيه كل الأشياء الكبرى، إما بسبب بنية هذه المواقع أو بسبب طبيعتها، أي الرسائل الصغيرة المفرقة، المتوالية وغير المنسقة، ومن لم يكن مميزاً في غيرها، بعلمٍ أو تخصصٍ، فهو بالتأكيد تميز فيها بسبب قدرته على التعايش مع التفاهة، أو السعي للحضور لمجرد الحضور أو الشهرة لمجرد أو التأثير لوجه التأثير. خامساً: ثمة علاقة تبادلية بين طبيعة الاهتمام وقوة الانتشار، بمعنى أن المهتم بتخصص علمي كبير وواسع أو دقيق ومتخصص لا يجد في الغالب حضوراً في هذه المواقع، إلا بوصفه محاولاً متعثراً لنشر قناعاته وترويج بضاعته. سادساً: باعتبار وسائل النشر، فقد كانت الكتابة أولها، وتوسعت مع اختراع المطبعة، وتطورت مع الصحف، وانتقلت للقنوات، ومن ثم لمواقع الإنترنت، وصولاً لمواقع التواصل الاجتماعي وبرامج الأجهزة الذكية، ويمكن من هنا رصد أن الوسيلة كلما كانت أقدم كلما كانت أعمق، وكلما كانت أحدث كلما كانت أتفه، فكل وسائل التواصل لا تمتلك أي ثقة أو مصداقية، لأنها من الكل للكل، بلا معيارٍ ولا تدقيق، والخيار فيها بين أمرين: أن تقود الرأي العام بثقةٍ وتوثيقٍ، أو أن يقودك بغوغائية وإشاعات. وكل وسائل التواصل التي تسعى للاحترام تعود في نهاية الأمر للوسائل الأقدم والأكثر ثقةً وتدقيقاً. سابعاً: زعماء العالم وقادة الفكر والثقافة والسياسة لا علاقة لهم بمواقع التواصل، وهم حين يدخلونها إنما يدخلونها برغبة الوصول والتأثير، وغالباً ما يفعلون ذلك على طريقة النشر فقط، لا على طريقة التفاعل الدائم والإدمان كما يفعل كثيرون ممن هم أقل منهم تأثيراً في الحياة. أخيراً، هذه مجموعة نقاطٍ تبين حجم هذه المواقع وطبيعتها ودورها، وهي وإنْ لم تكن محببةً لدى البعض لكنها تفتح جدلاً مستحقاً وتضع بعض النقاط على الحروف.