حملة هيلاري كلينتون ليست كهيلاري كلينتون نفسها. فالمرأة ذاتها ملهمة الحملة، ولازمة للسياسة الأميركية منذ ربع قرن، وعالمة ببواطن الأمور، ومألوفة كشخصية سياسية وكمتعهدة خبيرة في تقديم البضائع والخدمات السياسية. أما الحملة الانتخابية فهي كذلك وأكثر، لا سيما أنها ممتدة معها منذ انتخابات 2008 التي واجهت فيها باراك أوباما، والتي تمثل حداً فاصلاً في السياسة الأميركية. وقد شهد ذلك العام غالبية كبيرة من الأميركيين غير البيض ينتخبون للمرة الأولى واحداً منهم للرئاسة الأميركية. وهذه حقيقة أساسية، لكن سياق ذلك له أهمية كبيرة. فالحزب الذي كان موجوداً في السلطة قبل عام 2008 ترك حالة من الفوضى فتحت الباب فجأة أمام مجموعة من خارج المعترك السياسي، بقيادة مرشح هو الأكثر بعداً عن المؤسسة الحزبية في التاريخ الأميركي، كي يمضي في طريقه إلى البيت الأبيض، بمساعدة الانهيار المالي الذي جاء في وقت حاسم ليفيد ذلك الوافد الجديد! غير أن الاختبار الحقيقي أمام أوباما لم يكن انتخابات 2008، وإنما 2012، خصوصاً أنه لم يكن هناك مجال للحديث عن دعائم «التنوير السياسي»، على نحو يعزز قضية أوباما. ولم يكن لديه سوى ملكته وموهبته ونمو اقتصادي غير مؤكد. ومن ثم، أنقذ فوزه بفارق خمسة ملايين صوت برنامج «أوباماكير»، والإصلاحات الاقتصادية، ومكانه في التاريخ. من جانبها، تعهدت حملة هيلاري بأن تكون «تعزيزاً» لرئاسة أوباما، وفي حين أنها تعتمد على «ائتلافه»، فهي أيضاً تمثل امتداداً له. وقد وضعت المهاجرين من أصول لاتينية نصب عينيها، واعدةً باستكمال جهود أوباما نيابةً عنه. وفي وجود هيلاري، تُطمئن الحملة النساء بطريقة لم تستطع رئاسة أوباما تحقيقها. ويعتبر الناخبون هيلاري أكثر خبرة وثباتاً من خصمها، وأصبحت المانحات من النساء داعمات أساسيات لحملتها. ومن الناحية العملية، تتميز هيلاري بأنها مرشحة محنكة، ونالت حملتها تأييد الناخبين من خارج المؤسسة الحزبية المتلهفين لا على تقويض النظام، وإنما على جعله يعمل لصالحهم. فرانسيس ويلكينسون: محلل سياسي أميركي يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»